وشيخ المالكية ومفتيهم وقاضيهم، ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة أو قبلها ببجاية، وقدم مصر في شبيبته، فقرأ بالإسكندرية القراءات، على الشيخ أبي القاسم بن عيسى، ثم قدم دمشق سنة ست عشرة وستمائة.

فقرأ القراءات على الشيخ علم الدين السخاوي، وسمع منه، وكان إماما زاهدا ورعا، كبير القدر قليل المثل، درس وأفتى وولي قضاء الشام على كره منه، فحكم تسعة أعوام، ثم عزل نفسه يوم وفاة رفيقه القاضي شمس الدين بن عطاء الحنفي.

واستمر على التدريس والفتوى، والإقراء بتربة أم الصالح وبالجامع، وله مصنف في الوقف والابتداء، وآخر في عدد الآي، وأقرأ بالتربة بعد أبي الفتح الأنصاري، مع وجود أبي شامة.

وانتهت إليه رياسة الإقراء بالشام، قرأ عليه الشيخ برهان الدين الإسكندراني، والشيخ شهاب الدين الكفري، وتقي الدين أبو بكر الموصلي، والشيخ محمد المصري.

والشيخ زين الدين المنزلي، والشيخ أحمد الحراني، وشهاب الدين أحمد بن النحاس الحنفي، وخلق سواهم، وكان يخدم نفسه، ويحمل الحاجة والحطب على يده، مع جلالته.

وقد أخذ العربية عن أبي عمرو بن الحاجب وغيره، توفي إلى رضوان الله تعالى ورحمته، في رجب سنة إحدى وثمانين وستمائة، عن اثنتين وتسعين سنة، أو أزيد، وشيعه نائب السلطنة لاجين، والعالم وازدحموا على نعشه ودفن بمقبرة باب الصغير، وقبره مقصود بالزيارة -رحمه الله1.

10- محمد بن علي بن يوسف بن محمد بن يوسف، العلامة المعمر، رضي الدين أبو عبد الله الأنصاري، الشاطبي المقرئ اللغوي.

ولد سنة إحدى وستمائة ببلنسية، وقرأ لنافع من طريق ورش، على ابن صاحب الصلاة، محمد بن أحمد الشاطبي، آخر أصحاب ابن هذيل في بلده.

وسمع منه كتاب التلخيص للداني، في قراءة ورش، وقدم مصر فسمع من ابن المقير وجماعة، روى عنه أبو حيان، وسعد بن القاضي، وأبو الحسين اليونيني، وأبو الحجاج المزي، وأبو عمرو بن الظاهري، وآخرون.

وانتهت إليه معرفة اللغة وغريبها، أخذ الناس عنه، وكان يقول: أعرف اللغة على قسمين، قسم أعرف معناه وشاهده، وقسم أعرف كيف أنطق به فقط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015