ونظر في الفقه والعربية، وقال الشعر، وقدم دمشق، وسمع بها وانتهى إليه علو الإسناد، ورحل إليه الطلبة، وطار ذكره وبعد صيته، روى عنه من شعره ابن السمعاني وابن عساكر، وماتا قبله بدهر.
وقرأ عليه بالروايات الإمام أبو الفرج بن الجوزي، وابنه يوسف، وأبو عبد الله محمد بن سعيد الدبيثي، والتقي علي بن باسويه، والحسن بن أبي الحسن بن ثابت الطيبي، والمرجى بن شقيرة، ومحمد بن عمر بن الداعي الرشيدي، وغيرهم.
ودار عليه إسناد العراق، ذكره ابن عساكر في تاريخه، فقال: شاب قدم دمشق وأقرأ بها، قرأ علي كتاب الغاية لابن مهران، وتفسير الواحدي الوسيط.
ومدح بدمشق بعض الناس بقصيدة، يقول فيها:
بأي حكم دم العشاق مطلول ... فليس يودي لهم في الشرع مقتول
ليت البنان التي فيها رأيت دمي ... يرى بها لي تقليب وتقبيل
وقال ابن نقطة: حدث بسنن أبي داود، وقد سمعه سنة ثمان عشرة
وخمسمائة، وحدثني محمد بن أحمد بن الحسن ابن أخت ابن عبد السميع الواسطي.
وكان ثقة صالحا قال: سمعت من ابن الباقلاني السنن، وسماعه فيه صحيح، قال: وكان قد قرأ على القلانسي بكتاب الإرشاد، وقراءته به صحيحة، وما سوى ذلك فإنه كان يزوره.
قال ابن نقطة: قال لي أبو طالب بن عبد السميع: كان ابن الباقلاني يسمع كتاب مناقب علي -رضي الله عنه، عن مؤلفه أبي عبد الله بن الجلابي.
فذكر أن سماعه في نسخة ليست موجودة بواسط، فقلت له: إن النسخ بها مختلفة، تزيد وتنقص، فلم يزل يسمعها من أي نسخة كانت.
وقال ابن الدبيثي: انفرد في وقته برواية العشرة عن أبي العز وادعى رواية شيء آخر من الشواذ، عن أبي العز فتكلم الناس فيه، ووقفوا في ذلك، واستمر هو على روايته للمشهور والشاذ، شرها منه، وكان عارفا بوجوه القراءات، حسن التلاوة.
قلت: يحتمل أنه روى ذلك الشاذ عن أبي العز بالإجازة، ودلس الأمر فيه، قال: وأقرأ الناس أكثر من أربعين سنه.
وتوفي في ربيع الأول، سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.
قال ابن الدبيثي، سمعت أبا طالب عبد المحسن بن أبي العميد الصوفي يقول: رأيت في النوم بعد وفاة ابن الباقلاني، رحمه الله، كأن شخصا يقول لي: صلى عليه سبعون وليا لله -عز وجل1.