انتهت إليه رياسة الإقراء بالديار المصرية، وكان من جلة العلماء في زمانه، قرأ عليه بالروايات، أبو الجود غياث بن فارس.
وعبد الصمد بن سلطان بن قراقيش، وعبد السلام بن عبد الناصر بن عديسة، وأبو الجيوش عساكر بن علي، وآخرون، وآخر من روى عنه سماعا القاضي أبو الكرم أسعد بن قادوس المتوفى في حدود الأربعين وستمائة.
توفي الشريف الخطيب، يوم عيد الفطر سنة ثلاث وستين وخمسمائة عن إحدى وثمانين سنة1.
10- أحمد بن عبد الله بن هشام أبو العباس بن الحطيئة اللخمي المغربي الفاسي، المقرئ الناسخ الرجل الصالح.
ولد بفاس سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، وقدم الإسكندرية، فقرأ بها القراءات على أبي القاسم ابن الفحام الصقلي وغيره، وسمع من أبي الحسن بن المشرف وأبي عبد الله الحضرمي وجماعة.
وقرأ الفقه والعربية، وسكن بمصر، وتصدر بها للإقراء، وتزوج، فعلم زوجته الخط، ثم ولد له بنت فعلمها الخط، كأحسن ما يكون، حتى كانتا تكتبان مثله سواء، وخطه مرغوب فيه لإتقانه.
ثم كان هو وبنته وزوجته ينسخون في الكتاب الواحد، فلا يفرق أحد بين خطوطهم، وهذا من عجيب الإتفاق، وكان صالحا عابدا متعففا كبير القدر، حصل بمصر قحط فاحتاج.
وكان لا يقبل لأحد شيئا، فتحيل عليه رجل حتى زوجه بابنته، فطلب منه أن تكون أمها معها تؤنسها فأجابه، وخف ظهره، وبلغنا أن الناس بقوا بمصر بلا قاض ثلاثة أشهر، في عام ثلاثة وثلاثين وخمسمائة.
ثم وقع اختيار الدولة على أبي العباس بن الحطيئة، فاشترط عليهم أن لا يقضي بمذهبهم، فلم يمكنوه من ذلك إلا أن يحكم على مذهب الشيعة وولوا غيره، قرأ عليه جماعة، منهم شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجي.
توفي في المحرم سنة ستين وخمسمائة، وقد كتب عنه أبو طاهر السلفي2.