وقرأ القراءات بمصر، على أبي العباس بن نفيس، وسمع من أبي عبد الله القضاعي، وأبي عمر بن عبد البر وجماعة، وقدم دمشق، فأخذ عنه الأصول أبو الفتح نصر الله المصيصي.
وأقرأ علم الكلام والقراءات بالنظامية ببغداد زمانا، وسمع بها من أصحاب المخلص، قرأ عليه أبو الكرم الشهرزوري، وحدث عنه أبو الحسين عبد الحق اليوسفي.
قال ابن عقيل: ذاكرته فرأيته مملوءا علما وحفظا.
وقال السلفي: كان مشارا إليه في علم الكلام، قال لي: أنا أدرس علم الكلام من سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.
وكان مقدما على نظرائه مبجلا عند من ينتحل مذهبه، مجانبا عند مخالفته، جرت بينه وبين الحنابلة فتن، وأوذي غاية الإيذاء.
أنشدني من شعر صديقه الحسن بن رشيق، قلت: توفي ببغداد في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، وقد فاق التسعين1.
9- علي بن عقيل العلامة أبو الوفاء البغدادي، الظفري الحنبلي المقرئ، الأصولي.
شيخ الحنابلة، وصاحب كتاب الفنون، الذي بلغ أربعمائة وسبعين مجلدا، ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وقرأ القراءات على أبي الفتح بن شيطا.
وسمع من أبي محمد الجوهري وطائفة، وتفقه على القاضي أبي يعلى، وأخذ علم الكلام عن أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم بن التبان، صاحبي أبي الحسين البصري، شيخ المعتزلة، ومن ثم حصل فيه شائبة تجهم واعتزال، وانحراف عن السنة.
وكان إماما مبرزا، متبحرا في العلوم يتوقد ذكاء، وكان أنظر أهل زمانه.
قال السلفي: ما رأيت عيناي مثله، ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه لغزارة علمه، وبلاغته وحسن إيراده، وقوة حجته.
قلت: توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وقد سقت جملة من أخباره في تاريخي الكبير2.
10- الحسن بن خلف بن عبد الله بن بليمه، الأستاذ أبو علي القيرواني، المقرئ نزيل الإسكندرية، ومصنف كتاب تلخيص العبارات في القراءات.