وهو من كهول مشيخة البخاري، ومع هذا فقد روى في الصحيح عن رجل عنه، وقد رحل في الكهولة إلى بغداد، وذاكر أحمد بن حنبل وسمع من عفان بن مسلم وغيره, قال أحمد بن صالح: كتبت عن ابن وهب خمسين ألف حديث.
وقال صالح بن محمد الحافظ: لم يكن بمصر أحد يحسن الحديث، غير أحمد بن صالح، كان رجلا جامعا يعرف الفقه والحديث والنحو، ويتكلم في حديث الثوري وشعبة وغيرهما، يعني يذاكر به.
قال: وكان يحفظ حديث الزهري.
وقال ابن نمير: إذا جاوزت الفرات فليس أحد مثل أحمد بن صالح.
وقال يعقوب الفسوي الحافظ: كتبت عن أكثر من ألف شيخ.
حجتي فيما بيني وبين الله رجلان، أحمد بن حنبل، وأحمد بن صالح، وقال ابن داره: هؤلاء أركان الدين، أحمد بن حنبل، وابن نمير والنفيلي، وأحمد بن صالح.
قال ابن عدي: لم يكن لأحمد بن صالح آفة غير الكبر، وهو من حفاظ الحديث.
وقال أبو عمرو الداني: قال مسلمة بن القاسم الأندلسي: الناس مجمعون على ثقة أحمد بن صالح لعلمه وخيره وفضله، فإن أحمد بن حنبل وغيره كتبوا عنه ووثقوه.
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: أحمد بن صالح ثقة صاحب سنة.
وقال أبو داود: سألت أحمد بن صالح عمن قال القرآن كلام الله، ولا يقول مخلوق ولا غير مخلوق، فقال: هذا شاك والشاك كافر.
وقال القاسم بن أسد الأصبهاني الحافظ: حدثنا أبو بكر محمد بن موسى المصري وجماعة، قال: سألت أحمد بن صالح، قلت: إن قوما يقولون، إن لفظنا بالقرآن هو غير الملفوظ به فقال: لفظنا بالقرآن هو الملفوظ الملفوظ، والحكاية هي المحكى، والدراسة هي المدروس، وهو كلام الله غير مخلوق.
ومن قال لفظي به مخلوق فهو كافر.
قلت: اللفظ يطلق على ألفاظ القرآن، وكلماته وحروفه، التي بلغها جبريل عن الله تعالى، إلى نبيه -صلى الله عليه وسلم.
فليس لجبريل ولا للنبي -صلى الله عليه وسلم- في القرآن إلا مجرد البلاغ, ومحض الأداء من غير زيادة حرف فيه، ولا نقصان ولا تصرف، ويطلق اللفظ أيضا على تلفظ القارئ، ونطقه وتلاوته للملفوظ المتلو المسموع.
تقول فلان حسن التلفظ وعذب التلاوة ومليح القراءة، ورديء الأداء، وبشع القراءة، ولا تقول فلان حسن الملفوظ ولا المقروء.
لأن التلاوة والتلفظ والقراءة من فعل القارئ وأفعاله مخلوقة، قال الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] .