وبعد أن اكتملت مواهب «أبي علي غلام الهرّاس» تصدّر لتعليم القرآن، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: وأقام بمصر فرحل الناس إليه من كل ناحية، يأخذون عنه، ويقرءون عليه، ومن الذين قرءوا عليه:
«محمد بن الحسين بن بندار، أبو العزّ الواسطي القلانسي»، شيخ العراق، ومقرئ القراء بواسط، صاحب التصانيف.
ولد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة بواسط، وقرأ بما قرأ به «أبو علي غلام الهرّاس» من الروايات عليه، ورحل إلى «أبي القاسم الهذلي» فقرأ عليه بكتاب «الكامل» في القراءات ثم دخل بغداد فقرأ بها لعاصم على: «محمد بن العباس الأواني». ثم تصدّر للإقراء بواسط، ورحل إليه من الأقطار الطلاب، يأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو الفتح بن زريق الحدّاد».
احتلّ «محمد بن الحسين» مكانة سامية مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: كان بصيرا بالقراءات وعللها، وغوامضها، عارفا بطرقها، عالي الإسناد، وحصلت له سعادة بشيخه «أبي علي» وذلك أنه طاف البلاد، وحصّل الروايات، وجاء إلى «واسط» فقرأ عليه «أبو العزّ القلانسي» بما قرأ به على شيوخه، وألف «كتاب الإرشاد» في القراءات العشر، وهو مختصر كان عند «العراقيين» كالتيسير عندنا، وكتاب «الكفاية» وهو أكبر من «كتاب الإرشاد» (?).
ومن تلاميذ «أبي علي غلام الهرّاس» في القراءة: «علي بن عليّ بن جعفر ابن شيران: بكسر الشين المعجمة، أبو القاسم الواسطي الضرير».
وهو من القراء المشهود لهم بالثقة، وصحّة الإسناد، وجودة القراءة.
ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، ونشأ في بيت من البيوت العامرة بنور