والحديث، وغيرها من العلوم. وحج في سنة أربع عشرة وثمانمائة ولقي الحافظ الجمال بن ظهيرة، وغيره، ودخل «دمياط» فما دونها، ولم يزل ملازما لأخيه حتى تقدم، وأذن له في الافتاء، والتدريس، وخطب بالمشهد الحسيني بالقاهرة، وقرأ البخاري عند الأمير، وألبسه يوم الختم «خلعة». وكان إماما فقيها، عالما، قويّ الحافظة، سريع الإدراك، طلق العبارة، فصيحا، يتحاشى عدم الإعراب في مخاطبته بحيث لا يضبط عليه في ذلك شاذة ولا فاذّة، وكان بسّاما، بشوشا، طلق المحيا، فاشيا للسلام، مهابا، له جلالة، فكها، ذاكرا لكثير من المتون، والفوائد الحديثية، والمبهمات التي حصلها مستحضرا لجملة من الرقائق، والمواعظ والأشعار، حتى كان بعض الفضلاء يقول: إن الحضور بين يديه من المفرحات، شهما، مقداما، لا يهاب ملكا، ولا أميرا، سليم الصدر، لا يتوقف عن قبول من اعتذر إليه، معرضا عن تتبع زلات من يناوئه، غير مشتغل بتنقيصه، بل ربما يمنع من يشتغل في مجلسه بذلك» (?).

وبعد هذه الحياة الحافلة بالعلم والتصنيف، توفي «صالح بن عمر» سنة ثمان وستين وثمانمائة، رحمه الله رحمة واسعة آمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015