ألوان المعرفة كشفا عن جديد كان يجهله، ولذّة مستحدثة لا تغني عنها لذّة سابقة؟

وقد عرفنا من حياة «الطبري» أنه وهب نفسه للعلم، وقصر عليه حياته، وناط به حاضره، ومستقبله.

ومن أهم ثقافة الطبري: العلوم الدينية من قراءات، وتفسير، وحديث، وفقه، وأصول. وهذه هي ثقافته الأصلية، ومعظم مؤلفاته تدور في فلكها.

كان «الطبري» شافعيا أولا، ثم اجتهد وانفرد بمذهب مستقل، وقد مكنه علمه الواسع بالمذاهب المختلفة أن يؤلف كتابا: في «اختلاف الفقهاء» فيعرض آراءهم، وأدلتهم، ويناقشها. وكان الحديث النبوي الواحد يحمله على طلبه في مظانه، وفي هذا يقول «الطبري» عن نفسه: جئت إلى «أبي حاتم السجستاني» وكان عنده حديث في القياس عن «الأصمعي» عن «أبي زائدة» عن «الشعبي» فسألته عنه، فحدثني به (?).

كان لأبي جعفر الطبري المكانة السامية، والمنزلة الرفيعة بين العلماء، وغيرهم من خاصة الناس، وعامتهم، مما استوجب الثناء عليه، وهذا قبس مما ذكره المؤرخون عنه. قال «أبو محمد عبد العزيز بن محمد الطبري» أحد تلاميذه: «كان أبو جعفر من الفضل والعلم والذكاء والحفظ لأنه جمع من علوم الاسلام ما لا نعلمه اجتمع لأحد، ولا ظهر من كتب المصنفين، وانتشر من كتب المؤلفين ما انتشر له، وكان راجحا في علوم القرآن، والقراءات، واختلاف الفقهاء مع الرواية كذلك» اهـ (?). وقال «الخطيب البغدادي»: «كان «أبو جعفر الطبري» أحد أئمة العلماء يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015