لا، ويغفر الله لك؛ دفعاً لإيهام خلاف المراد؛ وهذه الواو - في رأيهم - أحلى من واوات الأصداغ - كما يقول الصاحب بن عباد -.

وابن العربي يرد عليهم بحديث أخرجه مسلم في مناقب سلمان، جاء فيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أبا بكر لعلك أغضبتهم؟ لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك)) . فأتاهم أبو بكر فقال إخوتاه أغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك يا أخي.

قال أبو بكر بن العربي: في هذا الحديث فائدة حسنة، وهي اتصال كلمة ((لا)) جواباً في النهي مع الدعاء، والعامة تكرهه؛ فإن قالته زادت الواو، فتقول: لا - ويرحمك الله والحديث حجة صحيحة في الرد عليهم) .

وفي ترجمة يحيى بن المبارك المقرئ: قال الخطيب البغدادي: ((سأل المأمون يحيى بن المبارك عن شيء فقال: لا - وجعلني الله فداك - يا أمير المؤمنين. فقال: لله درك ما وضعت واوٌ قط موضعاً أحسن من وضعها في لفظك هذا. ووصله وحمله) اهـ.

وفي قصة تحاكم المرأتين إلى داود عليه السلام لما قال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله ... الحديث.

رواه البخاري.

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -:

(وقع في رواية مسلم، والإسماعيلي من طريق ورقاء عن أبي الزناد ((لا، يرحمك الله)) ، قال القرطبي: ينبغي على هذه الرواية: أن يقف قليلاً بعد ((لا)) حتى يتبين للسامع أن الذي بعده كلام مستأنف، لأنه إذا وصله بما بعده يتوهم السامع أنه دعا عليه، وإنما هو دعاء له، ويزال الإبهام في مثل هذا بزيادة واو، كأن يقول: لا ويرحمك الله) اهـ.

* لا نبي بعده: (?)

مضى في حرف الكاف: الكرم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015