(فصل: ثم يقول - أي الشيطان -: قوموا على ثغر اللسان؛ فإنه الثغر الأعظم، وهو قبالة الملك؛ فأجروا عليه من الكلام ما يضره ولا ينفعه، وامنعوه أن يجري عليه شيء مما ينفعه: من ذكر الله تعالى، واستغفاره، وتلاوة كتابه، ونصيحة عباده، والتكلم بالعلم النافع، ويكون لكم في هذا الثغر أمران عظيمان، لا تبالون بأيهما ظفرتم:
أحدهما: التكلم بالباطل؛ فإن المتكلم بالباطل أخ من إخوانكم ومن أكبر جندكم وأعوانكم.
والثاني: السكوت عن الحق؛ فإن الساكت عن الحق أخ لك أخرس، كما أن الأول أخ ناطق، وربما كان الأخ الثاني أنفع أخويكم لكم، أما سمعتم قول الناصح ((المتكلم بالباطل شيطان ناطق، والساكت عن الحق شيطان أخرس)) ؟
فالرباط الرباط على هذا الثغر أن يتكلم بحق أو يمسك عن باطل، وزينوا له التكلم بالباطل بكل طريق، وخوفوه من التكلم بالحق بكل طريق.
واعلموا يا بني أن ثغر اللسان هو الذي أهلك منه بني آدم وأكبهم منه على مناخرهم في النار، فكم لي من قتيل وأسير وجريح أخذته من هذا الثغر؟
وأُوصيكم بوصية فاحفظوها: لينطق أحدكم على لسان أخيه من الإنس بالكلمة، ويكون الآخر على لسان السامع؛ فينطق باستحسانها وتعظيمها والتعجب منها، ويطلب من أخيه إعادتها، وكونوا أعواناً على