بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تقديم
سماحة مفتي الجمهوية اللبنانية الشيخ حسن خالد
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، فأوضح فيه للناس صراطه المستقيم، وأظهر لهم بآياته الباهرات الدالة على أنه الله الكبير المتعال .. أحمده حمد من اتبع هداه، وابتغى حبه ورضاه ورفض الباطل وما فيه من هرج ومرج، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمدا عبده ورسوله النذير البشير والسراج المنير والهادي إلى الحق وطريق مستقيم ..
أما بعد، فإن أصدق الحديث كلام الله، وأن خير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن كتاب الله الذي نزله على محمد هو النور الذي سلط الله تعالى نوره على الوجود فجمع فيه بين أصدق الحديث وخير الهدي لنسترشد به ظلمات هذه الحياة ومتاهاتها الكثيرة، ولنصل إلى ضمان ما ننشده من سعادة الدنيا والآخرة.
وإن الاشتغال بدراسة كلام الله تعالى الذي هو الحجة البالغة والعصمة لمن استمسك به والمعجزة القاهرة الدائمة حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ومحاولة فهمه وتفسير كلماته وآياته وأحكامه وما حواه من أوامر ونواه لهو أشرف المقاصد وأكثر الأعمال ثوابا.
ولقد سعد المسلمون منذ تلقوا هذا الكتاب غضا طريا من فم الرسول الرؤوف الرحيم، فبادروا إلى حفظه وتدوينه آية آية وسورة سورة حتى اكتمل نزوله وتمت به نعمة الله تعالى علينا وعلى الناس ..
ورغم أنه قد أنزله الله تعالى بلسان من نزل فيهم، لسان عربي مبين، فقد ورد فيه المتشابه والمحكم والغريب والعام والخاص والمطلق والمقيد وما يتطلب الاستعانة بالعلماء والحكماء لكشف ما فيه من أسرار وإشارات كونية وإنسانية ..