الْمُشَرَّفَةِ، فَغَضِبَتْ الْعَرَبُ لِذَلِكَ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ حَتَّى أَتَى الْقُلَّيْسَ فَأَحْدَثَ فِيهَا.
فَعَزَمَ أَبْرَهَةُ الْأَشْرَمُ عَلَى هَدْمِ الْكَعْبَةِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ. وَيَقُولُ الرَّدَاعِي فِي قَصِيدَتِهِ الْحُجِّيَّةِ:
بِلَادُ مَلِكٍ ضَلَّ مِنْ يَقِيسَ
أَرْضٌ بِصَنْعَاءَ لَهَا تَأْسِيسُ
مَا لَمْ يُعَدَّ الْحَرَمُ الْأَنِيسُ
أَرْضٌ بِهَا غُمْدَانُ وَالْقُلِّيسُ
بَنَاهُمَا ذُو النَّجْدَةِ الرَّئِيسُ
تُبَّعٌ مَلِكٌ وَبِنْتُ بَلْقِيسُ
وَتَرَاهُ هُنَا يَنْسِبُ بِنَاءَ الْقُلَّيْسِ إلَى تُبَّعٍ، وَالتَّبَابِعَةُ مُلُوكُ الْيَمَنِ قَبْلَ أَبْرَهَةَ، وَمَذْهَبُ الْهَمْدَانِيّ أَنَّ أَحَدَ مُلُوكِ حِمْيَرَ هُوَ الَّذِي بَنَى الْقُلَّيْسَ، وَأَنَّ أَبْرَهَةَ اتَّخَذَهُ كَنِيسَةً، وَمِنْ الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ: أَنَّ أَبْرَهَةَ سَخَّرَ أَهْلَ الْيَمَنِ فِي بِنَاءِ الْقُلَّيْسِ وَأَنَّهُ كَتَبَ إلَى مَلِكِ الْحَبَشَةِ إنِّي بَنَيْت لَك كَنِيسَةً لَمْ يُبْنَ مِثْلُهَا لِمَلِكِ. فَلَعَلَّهَا كَانَتْ مَبْنِيَّةً وَأَنَّ الْأَشْرَمَ رَمَّمَهَا وَزَادَ فِيهَا وَحَسَّنَهَا.
قَنَاةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالنُّونِ، وَأَلِفٍ، وَآخِرُهُ هَاءٌ:
وَرَدَ فِي النَّصِّ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ فِي «الْكُدْرِ» وَهُوَ وَادٍ فَحْلٌ يَسْتَسِيلُ مَنَاطِقَ شَاسِعَةً مِنْ شَرْقِ الْحِجَازِ، تَصِلُ إلَى مَهْدِ الذَّهَبِ جَنُوبًا، وَإِلَى أَوَاسِطِ حَرَّةِ النَّارِ «حَرَّةِ خَيْبَرَ الْيَوْمَ» شَمَالًا، وَبَيْنَهُمَا قَرَابَةُ مِائَتَيْ كَيْلٍ، أَمَّا مِنْ الشَّرْقِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِيَاهَ الرَّبَذَةِ وَرَحْرَحَانَ وَالشَّقْرَانِ، عَلَى قَرَابَةِ «150» كَيْلًا مِنْ الْمَدِينَةِ، وَلَهُ رَوَافِدُ كِبَارٌ، مِنْهَا: وَادِي نَخْلٍ وَوَادِي الشُّعْبَةِ، وَالْعَقِيقِ الشَّرْقِيِّ، وَأَوْدِيَةٌ فُحُولٌ غَيْرُهَا،