وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْعُدْوَةِ الْقُصْوَى، إنَّمَا هُنَاكَ أَكَمَةٌ أَوْ حَثْمَةٌ مَا زَالَتْ مَاثِلَةً، وَالْوَصْفُ يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا.
الْعِرَاقُ الْإِقْلِيمُ الْمَعْرُوفُ مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ. جَاءَ فِي ذِكْرِ سَرِيَّةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إلَى ذِي الْقَرَدَةِ - اُنْظُرْهُ - وَتَرَدَّدَ كَثِيرًا فِي السِّيرَةِ، وَالْعِرَاقُ: هُوَ الْبِلَادُ الَّتِي يَمُرُّ فِيهَا نَهَرَا دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ ثُمَّ شَطُّ الْعَرَبِ إلَى الْبَحْرِ، وَكَانَ يُقَسَّمُ إلَى عِرَاقِ الْعَرَبِ، وَهُوَ مَا غَرْبَ دِجْلَةَ وَالشَّطِّ، وَعِرَاقُ الْعَجَمِ، وَهُوَ مَا شَرْقَ دِجْلَةَ وَالشَّطِّ، وَعِنْدَمَا فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ الْعِرَاقَ فِي عَهْدِ عُمَرَ أَصْبَحَ مُنْطَلَقًا لِفُتُوحَاتِ عَظِيمَةٍ شَمَلَتْ فَارِسَ وَالسِّنْدَ وَبَعْضَ بِلَادِ الْهِنْدِ وَأَذْرَبِيجَانَ وَمَا وَرَاءَ النَّهَرَيْنِ - سَيْحُونَ وَجَيْحُونَ -
وَعَمَرَ الْمُسْلِمُونَ مَدِينَةَ الْكُوفَةِ فَاِتَّخَذَهَا الْإِمَامُ عَلِيٌّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - عَاصِمَةً لِلْخِلَافَةِ، وَلَمَّا قَامَتْ الدَّوْلَةُ الْعَبَّاسِيَّةُ اتَّخَذَتْ الْعِرَاقَ مَقَرًّا لَهَا وَعَمَرَتْ بَغْدَادَ فَكَانَتْ عَاصِمَةَ دَوْلَةِ الْإِسْلَامِ، وَدَامَ حُكْمُ بَنِي الْعَبَّاسِ نَيِّفًا وَخَمْسَ مِائَةِ سَنَةٍ حَتَّى انْهَارَتْ دَوْلَتُهُمْ عَلَى أَيْدِي التَّتَارِ، ثُمَّ اضْمَحَلَّ أَمْرُ الْعِرَاقِ قُرُونًا عَدِيدَةً وَظَلَّ الصِّرَاعُ عَلَيْهِ بَيْنَ التُّرْكِ وَالْفُرْسِ، حَتَّى قَامَتْ الثَّوْرَةُ الْعَرَبِيَّةُ الْكُبْرَى سَنَةَ 1334 هـ فَانْجَلَتْ عَنْ تَقْسِيمِ الْبِلَادِ الْعَرَبِيَّةِ إلَى دُوَيْلَاتٍ رَأَى الِاسْتِعْمَارُ مَصْلَحَتَهُ فِي تَكْوِينِهَا، فَتَكَوَّنَتْ مَمْلَكَةُ الْعِرَاقِ الْهَاشِمِيَّةِ، مَلِكُهَا الْمَرْحُومُ فَيْصَلُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ خَلَّفَهُ ابْنُهُ غَازِي ثُمَّ فَيْصَلٌ الثَّانِي ابْنُ غَازِي، وَفِي سَنَةِ 1378 هـ قَامَتْ الْجُمْهُورِيَّةُ الْعِرَاقِيَّةُ الْحَالِيَّةُ عَلَى أَثَرِ انْقِلَابٍ قَامَ بِهِ الْجَيْشُ، وَقُتِلَ الْمَلِكُ فَيْصَلٌ الثَّانِي وَوَلِيُّ عَهْدِهِ الْأَمِيرُ عَبْدُ الْإِلَهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ.