أَمَّا ذَاتُ الْأَصَابِعِ وَالْجِوَاءِ فَاتَّفَقَ شَارِحُ السِّيرَةِ وَشَارِحُ دِيوَانِ حَسَّانَ عَلَى أَنَّهُمَا مَوْضِعَانِ بِالشَّامِ أَيْ قَرِيبٌ مِنْ عَذْرَاءَ، وَلَمْ أَرَ ذِكْرًا لِلْجِوَاءِ إلَّا جِوَاءَ يَقَعُ شَرْقَ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ حَسَّانُ أَيْضًا:
عَفَا مِنْ آلِ فَاطِمَةَ الْجِوَاءُ
فِيمَنٌ فَالْقَوَادِمُ فَالْحِسَاءُ
وَهَذَا لَمْ يَرِدْ فِي دِيوَانِهِ الَّذِي اطَّلَعْت عَلَيْهِ إنَّمَا أَوْرَدَهُ يَاقُوتُ. وَهَذِهِ مَوَاضِعُ مِنْ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ الشَّرْقِيَّةِ وَالشَّمَالِيَّةِ فَلَا يَعْدُو الْأَمْرُ أَنْ تَكُونَ ذَاتُ الْأَصَابِعِ وَالْجِوَاءِ مِنْ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ، وَأَنَّ حَسَّانًا أَرَادَ أَنَّ الدِّيَارَ الْوَاقِعَةَ بَيْنَ هَذَا وَعَذْرَاءَ الشَّامِ قَدْ عَفَتْ، أَوْ أَنَّهُمَا مِنْ الشَّامِ كَمَا قَدَّمْنَا.
الْعَثَاعِثُ كَأَنَّهَا جَمْعُ عَثْعَثٍ: جَاءَتْ فِي قَوْلِ ابْنِ الزِّبَعْرَى:
أَمِنْ رَسْمِ دَارٍ أَقْفَرَتْ بِالْعَثَاعِثِ
بَكَيْت بِعَيْنِ دَمْعُهَا غَيْرُ لَابِثِ
قُلْت: عَثْعَثٌ، اسْمٌ مُرَادِفٌ لِاسْمِ سُلَيْعٍ بِالْمَدِينَةِ، وَسُلَيْعٌ أَكَمَةٌ صَغِيرَةٌ غَرْبَ سَلْعٍ، إذَا كَانَ الشِّعْرُ مُوَجَّهًا إلَى أَبِي بِكْرٍ - كَمَا فِي السِّيرَةِ - فَأَقْرَبُ مَآلِهِ عَثْعَثٌ هَذَا، أَمَّا إذَا كَانَ لِمُجَرَّدِ مُطَابَقَةِ الرَّوِيِّ فَهُنَاكَ أَجْبُلٌ ذُكِرَتْ قُرْبَ حِمَى ضَرِيَّةَ، ذَكَرَهَا الْمُتَقَدِّمُونَ. تُسَمَّى الْعَثَاعِثَ. وَلَكِنِّي أُرَجِّحُ أَنَّ الشَّاعِرَ جَمَعَ عَثْعَثًا بِمَا حَوْلَهُ لِمُطَابَقَةِ الرَّوِيِّ.
عَدَنُ: بِالتَّحْرِيكِ وَآخِرَهُ نُونٌ: جَاءَتْ فِي النَّصِّ: قَالَ: يَلِيهِ إرَمُ بْنُ ذِي يَزَنَ، يَخْرُجُ