أَبَعْد بَيْنُونَ لَا عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ ... وَبَعْدَ سِلْحِينَ يَبْنِي النَّاسُ أَبْيَاتًا
بَيْنُونُ وَسِلْحِينُ وَغُمَدَانُ: مِنْ حُصُونِ الْيَمَنِ الَّتِي هَدَمَهَا أَرْيَاطٌ الْحَبَشِيُّ.
وَقَالَ الْهَمْدَانِيّ «فِي صِفَةِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ»، وَهُوَ يُعَدِّدُ بَعْضَ مَحَافِدِ الْيَمَنِ:. . . وَسِلْحِينُ بِمَأْرِبٍ. وَقَدْ ذُكِرَتْ مَأْرِبٌ.
سَلْعٌ يُنْطَقُ بِكَسْرِ السِّينِ، وَالْقُدَمَاءُ يَفْتَحُونَهَا، وَقَدْ يَكْسِرُونَهَا: جَاءَ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَثَانِي السِّيرَةِ، وَهُوَ أَشْهَرُ جِبَالِ الْمَدِينَةِ عَلَى صِغَرِهِ، حَتَّى أَنَّهُ يَفْوَقُ أُحُدًا شُهْرَةً عَلَى كِبَرِ أُحُدٍ وَقُدْسِيَّتِهِ.
وَيَكَادُ الْأَقْدَمُونَ يَصْرِفُونَ كُلَّ ذِكْرٍ أَوْ شِعْرٍ يُذْكَرُ فِيهِ (سَلْعٌ) إلَى سَلْعِ الْمَدِينَةِ هَذَا، بَيْنَمَا تُوجَدُ سُلُوعٌ أُخَرُ فِي الْحِجَازِ، مِنْهَا سَلْعُ مَكَّةَ: جَبَلٌ بِطَرَفِ الْمُغَمَّسِ مِنْ الْغَرْبِ، وَسَلْعٌ آخَرُ فِي دِيَارِ بَلِيٍّ.
وَسَلْعُ الْمَدِينَةِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ النَّصُّ هُنَا، وَهُوَ: جَبَلٌ صَغِيرٌ أَصْبَحَ يُحِيطُ بِهِ عُمْرَانُهَا مِنْ كُلِّ اتِّجَاهٍ، بَلْ وَقَدْ كَسَاهُ هُوَ مِنْ مُعْظَمِ جَوَانِبِهِ. وَقَدْ أَكْثَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ ذِكْرِهِ. فَقَالَ قَيْسُ بْنُ ذُرَيْحٍ:
لَعَمْرُك إنَّنِي لَأُحِبُّ سَلْعًا ... لِرُؤْيَتِهِ وَمَنْ بِجُنُوبِ سَلْعِ
تَقَرُّ بِقُرْبِهِ عَيْنِي، وَإِنِّي
لَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ يُرِيدُ فَجْعِي