(ثمَّ انْتَهَت وَآمَالِي تُخَيِّلُ لِي ... نَيْلَ الْمُنَى فاستحالت غبطتي أسفا) // الْبَسِيط //
475 - أَبُو مُحَمَّدٍ هَذَا مِنْ أَعْيَانِ أَهْلِ الشَّامِ وَأُدَبَائِهِمْ وَذَكَرَ لِي أَنَّهُ وُلِدَ بِطَرَابُلُسَ وَبِهَا تَأَدَّبَ عَلَى أَبِيهِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ عَلَّقْتُ عَنْهُ مِنْ شِعْرِ أَبِيهِ مُقَطَّعَاتٍ وَكَذَلِكَ مِنْ شِعْرِهِ هُوَ وَقَدْ كَاتَبْتُهُ نَظْمًا وَكَاتَبَنِي وَأَصْلُهُمْ مِنَ الْكُوفَةِ
476 - أَنْشَدَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ الْيَحْصُبِيُّ الظَّاهِرِيُّ أَنْدَلُسِيٌّ سَكَنَ مِصْرَ أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُرْيَالَ الْحِجَارِيُّ لنَفسِهِ بالمرية مِنْ مُدُنِ الْأَنْدَلُسِ
(لَا يُؤْثِرُ الْعلم إِلَّا رَاغِب فِيهِ ... ليستضيء بِنُورِ اللَّهِ بَارِيهِ)
(فَيَعْلَمَ الْحَقَّ بِالْقُرْآنِ يُبَرِزُهُ ... حَتَّى يَصِيرَ يَقِينًا عِنْدَ وَاعِيهِ)
(وَحَسْبُنَا فِعْلُ مَا حَدَّ الرَّسُولُ لَنَا ... وَمَنْ يُصَدِّقُهُ فَاللَّهُ يَهْدِيهِ)
(وَالصِّدْقُ قَوْلٌ وَفِعْلٌ لَازِمٌ لَهُمَا ... عَقْدٌ صَحِيحٌ بِهِ الرَّحْمَنُ يُدْنِيهِ)
(دِينُوا جَمِيعًا بِمَا جَاءَ الرَّسُولُ بِهِ ... تَنْجُوا وَمَنْ لم يدن فَالله يخزيه) // الْبَسِيط //
477 - أَبُو مُحَمَّدٍ هَذَا كَانَ مِنَ صُلَحَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي أُمُورِ دِينِهِ مِنَ الْمُتَنَبِّهِينَ وَفِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا مِنَ الْمُغَفَّلِينَ وَكَانَتْ لَهُ عِنَايَةٌ عَظِيمَةٌ بِتَحْصِيلِ كُتُبِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ وَرَسَائِلِهِ وَقَدْ كَتَبْتُ أَنَا مِنْ نُسَخِهِ جُمْلَةً صَالِحَةً وَكَانَ ظَاهِرِيَّ الْمَذْهَبِ وَكَذَلِكَ شَيْخَهُ ابْنَ بَرْيَالَ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ شَيْخُ ابْنُ بُرْيَالَ وَكُنْتُ أَسْتَأْنِسُ بِهِ مُدَّةَ إِقَامَتِي بِمِصْرَ وَيُقَابِلُ مَعِي مَا أَكْتُبُهُ وَأَقْرَؤُهُ عَلَى الشُّيُوخِ
ثُمَّ رَأَيْتُهُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَيْضًا وَتُوُفِّيَ عَلَى مَا بَلَغَنِي بِدِمَشْقَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَوْلِدُهُ بِسَرَقُسْطَةَ مِنْ مُدُنِ الْأَنْدَلُسِ سَنَةَ سِتّ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة قَالَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وثلاثمائة قَالَ وَأَحْصَيْتُ تَوَالِيفَهُ فَبَلَغَ عَدَدُ أَوْرَاقِهَا ثَمَانِينَ أَلْفَ وَرَقَةٍ فِي كُلِّ فَنٍّ وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْإِيصَالُ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْخِصَالِ أَرْبَعُونَ مُجَلَّدًا وَمَا خَرَجَ مِنْ دَارِهِ فِي صِغَرِهِ حَتَّى الْتَحَى وَكَانَ وَالِدُهُ وَزِيرًا وَكَذَلِكَ هُوَ ثُمَّ تَرَكَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِلْمِ وَإِفَادَتِهِ