ولهذا العلم أهمية جليلة. فهو علم قائم بذاته، وهو ثمرة علم الحديث (?).
ولقد قام منهج المحدثين على ثلاث قواعد كلية، وهي:
1 - أنَّ الحديث ورد إلينا في لغة.
2 - أنَّ هذا الحديث يمثل خبرًا.
3 - أنَّ هذا الخبر قد نقله رجال عن رجال.
هذه الدعائم الثلاث جعلت أصحاب الحديث يُحكمون من حولها.
فالنصّ الحديثي نصّ عربي يستقيم مع العربية حيث تستقيم. وقد كشفنا في الباب الثالث صناعة البيهقي في "غريب ألفاظ الحديث" (?) ومقدار عنايته الفائقة به.
والنص الحديثي -بإسناده ومتنه- ومن هنا نشأت فكرة نقد السند، ونقد المتن. وظهرت علوم الجرح والتّعديل، ودراسة الرجال بما يؤكد أنّ منهج المسلمين يبدأ بتمحيص الناقل لمعرفة صحة المنقول أساسًا، ثم فحص ما نقله من الرواية للتأكد من سلامتها من الوهم والخطأ. وبراعتها من العلل (?).
وقد راعَ الإمامَ البيهقي هذا المجهود الضخم في تمحيص الرواة، وكشف أحوالهم فقال مشيدًا به:
"ومَنْ أنعم النظر في اجتهاد أهل الحفظ في معرفة أحوال الرواة، وما يقبل من الأخبار، وما يرد علم أنهم لم يألوا جهدًا في ذلك، حتى إذا كان