النحوي إذا قال: «في» للوعاء فقد أفصح في الجملة عن المعنى الصحيح، وكنى مع ذلك عن الوجوه التي تظهر بالتفصيل، ومثل هذا كثير وهو كاف في موضع التكنية «1» .
فقال ابن الفرات. أيها الشيخ الموفق، أجبه بالبيان عن مواقع الواو حتى تكون أشد في إفحامه، وحقّق عند الجماعة ما هو عاجز عنه ومع ذلك فهو متشبّع «2» به.
فقال أبو سعيد: للواو وجوه ومواقع منها: معنى العطف في قولك أكرمت زيدا وعمرا، ومنها القسم في قولك والله لقد كان كذا وكذا، ومنا الائتناف كقولك:
خرجت وزيد قائم، لأن الكلام بعده ابتداء وخبر، ومنها معنى ربّ التي هي للتقليل نحو قوله:
وقاتم الأعماق خاوي المخترق «3»
ومنها أن تكون أصلية في الاسم كقولك: واقد واصل وافد، وفي الفعل كقولك وجل يوجل، ومنها أن تكون مقحمة نحو قول الله تعالى: فلما أسلما وتله للجبين وناديناه
(الصافات: 13) أي ناديناه، ومثله قول الشاعر «4» :
فلما أجزنا ساحة الحيّ وانتحى ... بنا بطن خبت ذي قفاف عقنقل
المعنى: انتحى بنا، ومنها معنى الحال في قوله عز وجل: ويكلم الناس في المهد وكهلا
(آل عمران: 46) أي يكلّم الناس حال صغره بكلام الكهل في حال كهولته، ومنها أن تكون بمعنى حرف الجرّ كقولك استوى الماء والخشبة أي مع الخشبة.
فقال ابن الفرات لمتى: يا أبا بشر أكان هذا في نحوك؟
ثم قال أبو سعيد: دع هذا، ها هنا مسألة علاقتها بالمعنى العقلي أكثر من