إلى الله تعالى وإلى الناس، قال: أما ما يقربك إلى الله فمسألته، وأما ما يقرّبك إلى الناس فترك مسألتهم.

وقال: وتأخر بعض أصحابه عن مجلسه في يوم السبت، وكان يرعى حقّ أبيه فيه لأنه كان وجيها شريفا، فلما كان يوم الأحد قال له: ما الذي أخّرك؟ فأشار إلى شرب الدواء ولأجله تأخر عن المجلس فأنشدنا:

لنعم اليوم يوم السبت حقّا ... لصيد إن أردت بلا امتراء

وفي الأحد البناء فإنّ فيه ... تبدّى الله في خلق السماء

وفي الاثنين إن سافرت حقا ... يكون الأوب فيه بالنماء

وان ترم الحجامة في الثلاثا ... ففي ساعاته درك الشفاء

وإن شرب امرؤ يوما دواء ... فنعم اليوم يوم الأربعاء

وفي يوم الخميس قضاء حاج ... ففيه الله آذن «1» بالقضاء

ويوم الجمعة التزويج فيه ... ولذات الرجال مع النساء

قال: ولما قبل ابن معروف شهادته عاتبه على ذلك بعض المختصين به وقال: أيها الشيخ إنك إمام الوقت وعين الزمان والمنظور إليه والصدر، وإذا حضرت محفلا كنت البدر، قد اشتهر ذكرك في الأقطار والبلاد، وانتشر علمك في كلّ محفل وناد، والألسنة مقرّة بفضلك، فما الذي حملك على الانقياد لابن معروف، واختلافك إلى مجلسه، وصرت تابعا بعد أن كنت متبوعا، ومؤتمرا بعد أن كنت آمرا؟

وضعت من قدرك، وضيّعت كثيرا من حرمتك، وأنزلت نفسك منزلة غيرك، وما فكّرت في عاقبة أمرك، ولا شاورت أحدا من صحبك، فقال: اعلموا أن هذا القاضي سبب اكتساب ذكر جميل، وصيت حسن، ومباهاة لأقرانه، ومنافسة لإخوانه، ومع ذلك له من السلطان منزلة، وبلغني أنه يستضيء برأيه ويعدّه من جملة ثقاته وأوليائه، وعرّض لي وصرّح في الأمر مرة بعد أخرى وثانية عقب أولى، فلم أجب إليه، ولم أسلس قيادي له، فخفت مع كثرة الخلاف اعتمادي بما أستضرّ به وينتفع به غيري،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015