بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
وبه الإعانة الحمد لله ذي القدرة القاهرة، والآيات الباهرة، والآلاء الظاهرة، والنّعم المتظاهرة، حمدا يؤذن بمزيد نعمه، ويكون حصنا مانعا من نقمه، وصلّى الله على خير الأولين والآخرين من النبيين والصدّيقين، محمد النبي، والرسول الأمّي، ذي الشرف العليّ، والخلق السنيّ، والكرم المرضيّ، وعلى آله الكرام، وأتباعه سرج الظلام، وشرّف وعظم وبجّل وكرم.
وبعد فما زلت منذ غذيت بغرام الأدب، وألهمت حبّ العلم والطلب، مشغوفا بأخبار العلماء، متطلعا إلى أنباء الأدباء، أسائل عن أحوالهم، وأبحث عن نكت أقوالهم بحث المغرم الصبّ، والمحبّ عن الحبّ، وأطوف على مصنّف فيهم يشفي الغليل، ويداوي لوعة العليل، فما وجدت في ذلك تصنيفا شافيا، ولا تأليفا كافيا؛ مع أنّ جماعة من العماء، والأئمة القدماء [1] ، أعطوا ذلك نصيبا من عنايتهم وافرا، فلم يكن عن صبح الكفاية سافرا، كأبي بكر محمد بن عبد الملك التاريخي [2] ، وأرى أنه أول من أعارهم طرفه، وسوّد في تبييض أخبارهم صحفه، لأنه قال في مقدمة كتابه: «وقد اجتهد أبو العباس محمد بن مبرد الأزدي وأبو العباس أحمد بن يحيى