ملوما، وضحك مشتوما. ولو علم الشيخ عدد أبناء الحدد، وأولاد العدد «1» ، بهذا البلد، ممن ليس له همة إلا في شكاية أو حكاية أو سعاية أو نكاية، لضنّ بعشرة غريب إذا بدر، وبعيد إذا حضر، ولصان مجلسه عمّن لا يصونه عما رقي إليه؛ فهبني قلت ما حكي له: أليس الشاتم من أسمع؟ أليس الجاني من أبلغ؟ فقد بلغ من كيد هؤلاء القوم أنهم حين صادفوا من الأستاذ نفسا لا تستفزّ، وحبلا لا يهزّ، دسّوا إلى خدينه «2» بما حرّشوا به نارهم، وورد عليّ ما قالوه فما لبثت أن قلت:
فإن تك حرب بين قومي وقومها ... فإني لها في كلّ نائبة سلم
فليعلم الشيخ الفاضل أن في كبد الأعداء مني جمرة، وأن في أولاد الزنا عندنا كثرة، قصاراهم نار يشبّونها، أو عقرب يدبّونها، أو مكيدة يطلبونها، ولولا أن العذر إقرار بما قيل، وأكره أن أستقيل، لبسطت في الاعتذار شاذروانا، ودخلت في الاستقالة ميدانا. لكنه أمر لم أضع أوله فلا أتدارك آخره، وقد أبى الشيخ أبو محمد إلا أن يوصل هذا النثر الفاتر بنظم مثله، فهاكه يلعن بعضه بعضا:
مولاي إن عدت ولم ترض لي ... أن أشرب البارد لم أشرب
امتط خدّي وانتعل ناظري ... وصد بكفّي حمة العقرب
بالله ما أنطق عن كاذب ... فيك ولا أبرق عن خلّب
فالصفو بعد الكدر المفترى ... كالصحو بعد المطر الصيّب
إن أجتن الغلظة من سيدي ... فالشوك عند الثمر الطيب
أو ينفذ الزور على ناقد ... فالخمر قد تعصب بالثيّب «3»