ابنتي، ثم قال لها: قومي واخرجي إلى عمك، فخرجت وألقت على وجهها خمارها، فقال إبراهيم: هذا عمّك كلميه، فقالت لي: يا عمّ نحن في أمر عظيم لا في الدنيا ولا في الآخرة، والشهر والدهر ما لنا طعام إلا كسر يابسة وملح، وربما عدمنا الملح، وبالأمس قد وجّه إلينا المعتضد مع بدر [1] بألف دينار فلم يأخذها، ووجّه إليه فلان وفلان فلم يأخذ منها شيئا، وهو عليل، فالتفت الحربيّ إليها وتبسّم وقال: يا بنية إنما خفت الفقر؟ فقالت: نعم، فقال لها: انظري إلى تلك الزاوية، فنظرت فإذا كتب، فقال لها: هناك اثنا عشر ألف جزء لغة وغريب كتبته بخطي، إذا مت فوجّهي في كلّ يوم بجزء تبيعينه بدرهم، فمن كان عنده اثنا عشر ألف درهم ليس هو فقيرا.

وحدث أبو عمر الزاهد وابن المنادي [2] : سمعت ثعلبا مرارا يقول: ما فقدت إبراهيم الحربي في مجلس لغة أو نحو خمسين سنة.

وحدث أبو بكر الشافعّي قال [3] ، قال إبراهيم الحربيّ: ما أخذت على علم قطّ أجرا إلّا مرة واحدة فإني وقفت على بقال فوزنت له قيراطا إلا فلسا، فسألني عن مسألة فأجبته فقال للغلام: أعط بقيراط ولا تنقصه شيئا، فزادني فلسا.

وحدث [4] إبراهيم الحربي وقد سألوه عن حديث عباس البقال فقال: خرجت إلى الكبش [5] ووزنت لعباس البقال دانقا إلا فلسا فقال لي: يا أبا إسحاق حدثني حديثا في السخاء فلعلّ الله يشرح صدري فأعمل شيئا، قال: قلت له نعم، روي عن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما أنه كان مارا في بعض حيطان المدينة فرأى أسود وبيده رغيف يأكل منه لقمة ويطعم الكلب لقمة إلى أن شاطره الرغيف، فقال له الحسن: ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015