الامام أبو سعد، وما أدراك ما الإمام أبو سعد، سعد كلّه، خير قوله وفعله، صاحب جيوش الفصاحة، ومالك رقاب البلاغة، وناظم عقد المحامد، وجامع شمل المكارم، وناشر أردية الفضل والكرم، وعامر أبنية الأدب والحكم:
لله درّ إمام كلّه أدب ... بفضله يتحلّى العجم والعرب [1]
الله يعلم أني وإن شطّ المزار، وشحطت الديار، لا أقطع أكثر أوقاتي، ولا أزجي أغلب ساعاتي، إلا في مدح معاليه، وشرح أياديه، لو أنفقت جميع عمري في ذلك، وسلكت طول دهري تلك المسالك:
لما كنت أقضي بعض واجب حقه ... ولا كنت أحصي من صنائعه عشرا
وكيف لا أبالغ في ثنائه، ولا أواظب على دعائه، وهو الذي رفع قدري وشرح للآداب صدري، وسقاني كؤوس العلم وأحشائي صادية، وكساني حلل الفضل وعوراتي بادية، اغترفت ما اغترفت من بحاره، واقتطفت ما اقتطفت من ثماره:
وأنت الذي عرفتني طرق العلا ... وأنت الذي هدّيتني كلّ مقصد
وأنت الذي بلّغتني كلّ رتبة ... مشيت إليها فوق أعناق حسّدي
عبد مجلسه الشريف أخي عمر، أيده الله، ورد من خراسان ذاكرا لما يجري على لسانه الكريم في المجالس والمحافل، بين أيدي الأكابر والأماثل، من مدحي وثنائي، وتقريظي وإطرائي، فما استبدعت ذلك من خصائص [2] كرمه، ولا استغربته من لطائف شيمه. وكانت كلماته حاملة إياي على هذا التصديع، لمجلسه الرفيع، ورأيه في سحب ذيل العفو على هذا التجاسر، وتبليغ تحيتي الى القارئين عليه والمختلفين إليه من أبناء جنسي، وشركاء درسي، يقتضي الشرف، والسلام.