إن الخمسة الأوائل في قائمة المصادر المذكورة آنفا، قد شاهدوا ياقوتا وعرفوه، على تفاوت بينهم في تلك المعرفة، وكان ابن النجار من بينهم صديقا له، ولهذا يمكن أن نفترض أن الترجمة التي وردت في المستفاد موجزة، لا تمثل تماما تلك الصداقة، وبخاصة إذا وضعت إزاء ترجمة ياقوت له «1» . وقد انفرد القفطي بايراد رسالة ياقوت إليه بعد هربه من التتار، وعنه نقلها ابن خلكان ثم نقل أكثرها اليافعي في مرآة الجنان واقتبس الذهبي عبارات منها في سير أعلام النبلاء وتاريخ الإسلام، ولم يدرك ابن خلكان ياقوتا في الحياة، إذ أنه ورد حلب بعد شهرين ونيف من وفاته، وقد وجد الناس في تلك المدينة يثنون عليه ويذكرون فضله وأدبه، وتلك حقيقة يمكن أن تقارن بما يقوله القفطي فيه، وتعدل من بعض أحكامه، وقد اعتمد ابن خلكان في ترجمته على القفطي وتاريخ اربل وابن الشعار ولكنه لا يشير بشيء إلى ابن النجار.
ومع أن المشاهدة قد خلّفت لدى كل من عرفه جملة من الانطباعات، فيبدو أن الروية التي اشتهرت عن أولية ياقوت إنما وضعها ياقوت نفسه، إذ لم يكتف بالحديث عنها إلى معارفه من بعد، بل أثبتها في كتابه معجم الأدباء «2» ، ولكن هذه الترجمة الذاتية لم تصلنا بل ضاعت مع ما ضاع من ذلك الكتاب، وهو كثير، إذ يقول ياقوت