في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة توفي أبو عبد الله محمد بن عبد الله المفجع الكاتب الشاعر، وكان شاعر البصرة وأديبها، وكان يجلس في الجامع بالبصرة فيكتب عنه ويقرأ عليه الشعر واللغة والمصنفات، وامتنع من الجلوس مدة لسبب لحقه من بعض من حضره، فخوطب في ذلك فقال: لو استطعت أن أنسيهم أسماءهم لفعلت.
وشعره مشهور، فمنه وقد دامت الأمطار وقطعت عن الحركة:
يا خالق الخلق أجمعينا ... وواهب المال والبنينا
ورافع السبع فوق سبع ... لم يستعن فيهما معينا
ومن إذا قال كن لشيء ... لم تقع النون أو يكونا
لا تسقنا العام صوب غيث ... أكثر من ذا فقد روينا
وله يخاطب أبا عبد الله البريدي وقد أعاد عليه ذكر سبب «1» :
قل لمن كان قد عفا ... عن ذنوب المفجّع
لا تعد ذكر ما مضى ... من عفا لم يقرّع
وله وقد سأل بعض أصدقائه أيضا رقعة وشعرا له يهنئه في مهرجان الى بعضهم فقصر حتى مضى المهرجان «2» :
إن الكتاب وان تضمّن طيه ... كنه البلاغة كالفصيح الأخرس
فإذا أعانته عناية حامل ... فجوابه يأتي بنجح منفس
وإذا الرسول ونى وقصّر عامدا ... كان الكتاب صحيفة المتلمس
قد فات يوم المهرجان فذكره ... في الشعر أبرد من سخاء المفلس
فسئل عن سخاء المفلس فقال: يعد في إفلاسه بما لا يفي به عند إمكانه.
قال «3» : دخل المفجع يوما إلى القاضي أبي القاسم علي بن محمد التنوخي فوجده [يقرأ] معاني الشعر على العبيسي فأنشد: