هنا شيخ يعرف هذه الأخبار يقال له عتاب بن ورقاء من بني شيبان، قال: فابعث لنا فيه. فحضر فقال له يحيى: إن أمير المؤمنين يرغب في حضورك مجلسه ومحادثته، فقال: أنا شيخ كبير ولا طاقة لي لأنه ذهب مني الأطيبان، فقال له المأمون: لا بد من ذلك، فقال الشيخ، فاسمع ما حضرني، فقال اقتضابا:

أبعد ستين أصبو ... والشيب للمرء حرب

شيب وسنّ وإثم ... أمر لعمرك صعب

يا ابن الإمام فهلّا ... أيام عودي رطب

وإذ مشيبي قليل ... ومنهل العيش عذب

فالآن لما رأى بي ... عواذلي ما أحبوا

آليت أشرب راحا ... ما حجّ لله ركب

فقال المأمون: ينبغي أن تكتب بالذهب، وأعفى الشيخ وأمر له بجائزة.

[691] عثمان بن جني أبو الفتح النحوي:

وكان جني أبوه مملوكا روميا لسليمان بن فهد الأزدي الموصلي: من أحذق أهل الأدب وأعلمهم بالنحو والتصريف، وصنّف في ذلك كتبا أبرّ بها على المتقدمين وأعجز المتأخرين، ولم يكن في شيء من علومه أكمل منه في التصريف، ولم يتكلم أحد في التصريف أدقّ كلاما منه، ومات لليلتين بقيتا من صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، في خلافة القادر، ومولده قبل الثلاثين وثلاثمائة؛ وهو القائل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015