فاستحسنها الجماعة، وقال سيف الدولة هما لبعض المحدثين قد ذهب عني اسمه، فقال أبو حفص: هما للخنساء. فقال سيف الدولة للصفري: أتعرف لمن هما؟ قال: نعم، هما لأبي عبد الرحمن العطوي، قال: صدقت. وأمره بإجازتهما.
فقال ارتجالا، وذكر فيها أباه أبا الهيجاء:
لقد ضمّ منه قبره كلّ سؤدد ... وكلّ علاء حدّه ليس يوصف
وأضحى الندى مذ غاب عنّا خياله ... وأركانه من شدة الوجد تضعف
على أن صرف الدهر لا درّ درّه ... يسرّ أناسا بالحمام ويسعف
ألا يا أميرا عمّ ذا الخلق جوده ... وأضحى به شعري على الشعر يشرف
حسامك يجري من دم القرن حدّه ... ورمحك في يوم الكريهة يرعف
وأنت إذا عدّ الكرام مقدّم ... وغيرك إن عدّ الكرام مخلّف
كان أميرا بساحل كورة لبلة، وصاحب جزيرة شلطيش، بلد صغير من قرى اشبيلية على البحر. وكان مقدما من مشيخة أولي البيوتات وأرباب النعم بالأندلس، فغلبه ابن عباد صاحب اشبيلية على سلطانه ببلده المذكور، فلاذ بقرطبة، ثم صار إلى محمد بن معن صاحب المرية، فاصطفاه لصحبته، وآثر مجالسته والأنس به، ووسّع راتبه.
قال ابن خاقان: رأيته وأنا غلام في مجلس ابن منظور وله شيبة يروق العيون إيماضها، ويفوق السواد بياضها، وقد بلغ سن ابن محلم «1» ، وهو يتكلم فيفوق كلّ