أبو البقاء العكبري البغدادي الأزجي الحنبلي النحوي اللغوي الفرضي، محب الدين: شيخ زمانه، وفرد أوانه، منحة الدهر، وحسنة العصر، إمام في كل علم من النحو واللغة والفقه والفرائض والكلام، يقرىء ذلك كله وهو ضرير، أضرّ وهو في صباه بالجدري، إمام مسجد ابن حمدون ببغداد بالريحانيين ومتقدم الاقراء به، ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ومات في سنة ست عشرة وستمائة. أدرك ابن الخشاب وأخذ عنه، وقرأ الأدب على عبد الرحيم بن العصار. وقرأ الفقه على الشيخ أبي حكيم إبراهيم بن دينار النهاوندي وسمع في صباه من أبي الفتح ابن البطي وأبي زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي وأبي بكر عبد الله بن النقور وأبي العباس أحمد بن المبارك بن المرقعاني وغيرهم.
وكان الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي يفزع إليه فيما يشكل عليه من علم الأدب.
واستنشدته من شعره فقال: وقتي أعزّ من أن أفكر في قول شعر. ولا أعرف لي شعرا إلا أربعة أبيات أنسيت بيتا منها، فاستنشدته ذلك فأنشدني يمدح الوزير نصير الدين بن مهدي العلوي وزير الإمام الناصر لدين الله:
بك أضحى جيد الزمان محلّى ... بعد أن كان من حلاه مخلّى
لا يجاريك في نجاريك خلق ... أنت أعلى قدرا وأعلى محلا
دمت تحيي ما قد أميت من الفض ... ل وتنفي فقرا وتطرد محلا