الخلاء، ثم تركه وتناوم فلما أجهده الأمر قال لبعض الجواري: أين الخلاء؟ فقالت لها الأخرى: ما يقول سيدي قالت: يقول غنوني:
خلا من آل عاتكة الديار ... فمثوى أهلها منها قفار
فغنت هذه وزمرت هذه وضربت هذه، وشربوا أقداحا وسقوه فقال: أحسنتم وجوّدتم غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي وسكت. فلما أجهده الأمر قال: لعلّ الجارية بغدادية، فالتفت إلى الأخرى فقال لها: فداك أبوك، اين المستراح؟ فقالت الأخرى: ما يقول سيدي، فقالت: يقول غني:
وأستريح إلى من لست آلفه ... كما استراح عليل من تشكّيه
فغنت هذه وضربت هذه وزمرت هذه وشربوا أقداحا وسقوه فقال: أحسنتم، غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي، ثم أجهده الأمر فقال: لعلّ الجارية بصرية لم تفهم ما قلت، فقال للأخرى: أين المتوضا؟ فقالت الأخرى: ما يقول سيدي؟ قالت:
يقول غنوني:
توضأ للصلاة وصلّ خمسا ... وباكر بالمدام على النديم
فضربت هذه وزمرت هذه وغنت هذه وشربوا أقداحا وسقوه فقال: أحسنتم وجودتم، غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي، ثم قال: لعلهن حجازيات، فقال لاحداهن: فداك أبوك أين الحشّ؟ فقالت الأخرى: ما يقول سيدي؟ فقالت: يقول غنوني:
وحاشاك أن أدعو عليك وإنما ... أردت بهذا القول أن تقبلي عذري
فغنت هذه وضربت هذه وزمرت هذه وشربوا أقداحا وسقوه فقال: أحسنتم وجودتم، غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي، ثم أجهده الأمر فقال: لعلهن كوفيات فقال: فداكن أبوكن، أين الكنيف؟ فقالت واحدة للأخرى، ما يقول؟ قالت: يقول غنوني:
تكنّفني الواشون من كلّ جانب ... ولو كان واش واحد لكفاني
فغنت هذه وضربت هذه وزمرت هذه وشربوا أقداحا، فما تمالك حتى وثب قائما