خلّف على أروى السلام فإنما ... جزاء الثّويّ أن يعفّ ويحمدا
سأرحل عنها وامقا غير عاشق ... جزى الله خيرا ما أعفّ وأمجدا
قال ابن دريد: ولم يزدني على هذا الجواب، فسألت أبا حاتم فقال: المقة محبة الوالد لولده والأخ لأخيه، والصاحب لصاحبه. والعشق عشق الرجل المرأة للحب والنكاح.
وحدث المبرد قال، قال الرياشي: خرجت يوما نصف النهار في يوم صائف بالبصرة فإذا أنا بحبشي متلفّف بكسائه فضربته برجلي فثار كما يثور البعير «1» ، قلت:
ما قرأ لي أحد خوف البين، (فقلت له) فهل قلت في ذلك شعرا؟ قال: نعم، وأنشدني:
نمّت بأسرار القلوب عيون ... ونفى ظنون ذوي الظنون يقين
وتحدثت فرق بأن فراقنا ... لا كان بعد تواصل سيكون
فبليت من ألم الفراق ولم تحن ... أسباب ذاك فكيف حين تحين
وأنشدوا للرياشي «2» :
أنكرت من بصري ما كنت أعرفه ... واسترجع الدهر ما قد كان يعطينا
أبعد سبعين قد ولّت وسابعة ... أبغي الذي كنت أبغيه ابن عشرينا
وكان الرياشي ديّنا. وكان لأبي حاتم إلى الأمير الفضل بن إسحاق حاجة وكان يرى أنه واجد عليه، فأتى أبو حاتم إلى الرياشي وقال له: لم آت أحدا غيرك، قال الرياشي: فكتبت عن أبي حاتم إلى الأمير:
أبت لك أن يخشى عدوّك صولة ... عليه إذا ما أمكنتك مقاتله
سما بك عفو من أبيك ورثته ... ومن حسن أخلاق الرجال شمائله «3»
قال الرياشي: وما جاءت إلا بتعب، ثم قال: وأستغفر الله منها.
فأما مقتله «4» فإن الزنج لما دخلوا البصرة دخلوا مسجده بأسيافهم، وكان