النسخ والكتب، ويعلّم على تلك الكلمة علامات يشهرها بها، وقلما وقع شيء من خطه إلا بولغ في ثمنه وبيع بأوفر الأثمان بطريق ذلك. وكان مع غزارة علمه وجلالة قدره شكس الأخلاق محروما عن سعة الأرزاق. وكان يشكو الدهر ويزجي الأيام بالوراقة ويعاني مضض الفاقة.
وحكى شهيد قال: كنت ببغداد مرة في سنة ست وثلاثمائة، وكان بقرب الموضع الذي أنزله صوفي مليح، فكان يشتري الخرق فيتخذ منها المرقعات ويبيعها على الصوفية. فجاءه يوما صوفي يطلب منه مرقعة فقال له: ليس عندي غير هذه التي علي. قال: فبعنيها. فقال له: يا أحمق إذا باع الصياد شبكته كيف يصطاد.
وكان شهيد قد تغرب في البلاد كثيرا بطريق أنه هجا أحمد بن سهل فطلبه فهرب منه، ولم يعد إلى بلخ إلى أن هلك أحمد بن سهل، فعاد إلى بلخ.
وله أشعار كثيرة منها في أبي نصر أحمد بن أبي ربيعة وزير عمرو بن الليث:
كنا نرى أن التوسل بالأدب ... من أكرم الشفعاء عند ذوي الحسب
حتى استبان لنا ببابك أنه ... سخف وأن الأمر فيه قد انقلب
إن كان جدا فيه ما هو عندكم ... والعلم هزلا إن ذا لمن العجب
إني لأرجو أن أرى من يشتري ... ما تزدريه من الفوائد بالذهب
وكأنما العز الذي أوتيته ... يا أحمد بن أبي ربيعة قد ذهب
إن التي تزهو بها غرّارة ... فارمق بطرفك نحو سوء المنقلب
- 591-
المعروف بابن الإبري، المدعوة فخر النساء، الكاتبة: امرأة من أولاد المحدثين متميزة فصيحة حسنة الخط، تكتب على طريقة الكاتبة بنت الأقرع، وما كان ببغداد في زمانها من يكتب مثل