- 574-

سليمان بن موسى

برهان الدين أبو الفضل بن شرف الدين المعروف بالشريف الكحال المصري: كان أديبا فاضلا بارعا في العربية وفنون الأدب عارفا بصناعة الكحل، خدم بها الملك الناصر صلاح الدين بن أيوب وتقدم عنده وحظي لديه ونال عنده منزلة عالية وقبولا تاما، وكان بينه وبين القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني وبين شرف الدين محمد بن نصر المعروف بابن عنين الشاعر المشهور صحبة ومودة ومزاح ومداعبة، فأهدى الشريف الكحّال إلى ابن عنين خروفا وكان مهزولا، فكتب إليه ابن عنين يداعبه [1] :

أبو الفضل وابن الفضل أنت وأهله [2] ... فغير عجيب أن يكون لك الفضل

أتتني أياديك التي لا أعدها ... لكثرتها لا كفر نعمى ولا جهل

ولكنني أنبيك عنها بطرفة ... تروقك ما وافى لها قبلها مثل

أتاني خروف ما شككت بأنه ... حليف هوى قد شفّه الهجر والعذل

إذا قام في شمس الظهيرة خلته ... خيالا سرى في ظلمة ما له ظلّ

فناشدته ما تشتهي؟ قال قتّة ... وقاسمته ما شفّه؟ قال لي الأكل

فأحضرتها خضراء مجّاجة الثرى ... مسلّمة ما حصّ أوراقها الفتل

فظلّ يراعيها بعين ضعيفة ... وينشدها والدمع في العين منهلّ

«أتت وحياض الموت بيني وبينها ... وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل»

وكتب إليه القاضي الفاضل يداعبه وكان قد كحله:

رجل توكّل بي وكحلني ... فدهيت في عيني وفي عيني

وخشيت تنقل نقط كحلته ... عينيّ من عين إلى غين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015