حدّث ابن العروضي قال [1] : لقيت أبا الحارث جمين فقلت له: ما أغراك إلى هجاء محمد بن يحيى بن خالد البرمكي، وتصفه بالبخل؟ فقال: دع ذا عنك، فإني دخلت عليه الساعة، وبين يديه خوان له من نصف خشخاشة سوى ما يسقط من الحت. قال: قلت له: أما تستحي من هذا الكلام؟ فقال: والله الذي لا إله إلا هو لو أن عصفورا بقي من بيدره حبة من حنطة ما رضي أو جاء بالعصفور مشويا بين رغيفين من عند العصفور. قلت له: أما تستحي من هذا الكلام؟ فقال: والله لأن يرقى إلى السماء على سلّم من زبد حتى يتناول بنات نعش كوكبا كوكبا أيسر عليه من أن يهب لك رغيفا في المنام. قال: فقلت له: أما تستحي، وعذلته، فقال: وأزيدك، والله لو أن له ثمانين طرزا [2] طول كلّ طرز ما يدخل أوله النهر فلا يبلغ آخره حتى يصير مملوءا إبرا في كل إبرة خيط [3] ثم جاء يوسف النبي عليه السلام، ومعه الأنبياء والشهداء يسألونه أن يعيره إبرة يخيط بها قميصه الذي قدّ من دبر ما أعارهم. قال: قلت له:
حرم كلامك بعد هذا.
ومن شعر رزين أيضا [4] :
كأنّ بلاد الله وهي عريضة ... على الخائف المطلوب كفّة حابل
تؤدي إليه أنّ كلّ ثنية ... تيممها ترمي إليه بقاتل
وقال:
خير الصديق هو الصدوق مقالة ... وكذاك شرّهم المنون الأكذب
فإذا غدوت له تريد نجازه ... بالوعد راغ كما يروغ الثعلب
توفي رزين العروضي سنة سبع وأربعين ومائتين.