لقد كنت جلدا قبل أن توقد النوى ... على كبدي نارا بطيئا خمودها
ولو تركت نار الهوى لتصرّمت ... ولكنّ شوقا كلّ يوم وقودها
وقد كنت أرجو أن تموت صبابتي ... إذا قدمت أيامها وعهودها
فقد جعلت في حبة القلب والحشا ... عهاد الهوى تولى بشوق يعيدها
بمرتجة الأرداف هيف خصورها ... عذاب ثناياها عجاف قيودها [1]
وصفر تراقيها وحمر أكفها ... وسود نواصيها وبيض خدودها
مخصّرة الأوساط زانت عقودها ... بأحسن مما زيّنته عقودها
يمنّيننا حتى ترفّ قلوبنا ... رفيف الخزامى بات طلّ يجودها
وفيهن مقلاق الوشاح كأنها ... مهاة بتربان [2] طويل عقودها
وكنت أذود العين أن ترد البكا ... فقد وردت ما كنت عنه أذودها
هل الله عاف عن ذنوب تسلّفت ... أم الله إن لم يعف عنها معيدها
وقال [3] :
رأت رجلا أودى بوافر لحمه ... طلاب المعالي واكتساب المكارم
خفيف الحشا ضربا كأنّ ثيابه ... على قاطع من جوهر الهند صارم
فقلت لها لا تعجبنّ فإنني ... أرى سمن الفتيان إحدى المشائم
وأنشد له ابن قتيبة [4] :
يضعّفني حلمي وكثرة جهلهم ... عليّ وأني لا أصول بجاهل
دفعتكم عنّي وما دفع راحة ... بشيء إذا لم تستعن بالأنامل