ويقول بن القيم رحمه الله:
"فصل في حكمه صلى الله عليه وسلم في الكفاءة في النكاح:
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71]، وقال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 195].
وقال صلى الله عليه وسلم (لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا الأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى الناس من آدم وآدم من تراب) وقال صلى الله عليه وسلم: (إن آل بني فلان ليسوا لي بأولياء إن أوليائي المتقون حيث كانوا وأين كانوا) وفي الترمذي عنه صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير قالوا يا رسول الله وإن كان فيه فقال إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لبني بياضة أنكحوا أبا هند وأنحكوا إليه وكان حجامًا، وزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش القرشية من زيد بن حارثة مولاه وزوج فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية من أسامة ابنه وتزوج بلال بن رباح باخت عبد الرحمن بن عوف، وقد قال الله تعالى (والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) (النور: 26)، وقد قال تعالى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3].
فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الدين في الكفاءة أصلًا وكمالًا فلا تزوج مسلمة بكافر ولا عفيفة بفاجر، ولم يعتبر القرآن لا السنة في الكفاءة أمرًا وراء ذلك فإنه حرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث ولم يعتبر