قولهم إلا أن الذي عمله فضيلة القاضي أن يقلب المعادلة القضائية وألزم المدعى عليه بإحضار البينة وهذه مخالفة صريحة لمبدأ مستقر عليه وثابت بحديث نبوي صحيح، ولاسيما وأن المدعين يَّدعون خلاف الأصل كما سيأتي بيانه.
ثانيًا:
أما عن النواحي الموضوعية في الحكم محل هذه اللائحة فقد خالف الحكم مبادئ شرعية راسخة في ديننا الإسلامي اتفقت عليها كافة المذاهب الإسلامية المعتبرة حيث جاءت الشريعة بالمساواة بين الناس بعد أن كانت العنصرية المقيتة ضاربة بأطنابها زمن الجاهلية، وفيما يلي نذكر ببعض النصوص الشرعية في هذا الباب مع ما تيسر من بعض النقولات من أهل العلم.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، ففي هذه الآية تقرير أن الناس متساوون في الخلق، وفي القيمة الإنسانية، وأنه لا أحد أكرم من أحد إلا من حيث تقوى الله عز وجل - بأداء حق الله وحق الناس.
وروى الترمذي بإسناد حسن عن أبي حاتم المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير .. قالوا يا رسول الله وإن كان فيه، قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات).
ففي هذا الحديث توجيه الخطاب إلى الأولياء أن يزوجوا مولياتهم من يخطبهن من ذوي الدين والأمانة والخلق، وإن لم يفعلوا ذلك بعدم تزويج صاحب الخلق الحسن، ورغبوا في الحسب، والنسب، والجاه، والمال - كانت الفتنة والفساد الذي لا آخر له.