معجز احمد (صفحة 318)

يقول: إن ندى كفيك ونسبك القريب من هؤلاء، قام لهم مقام من يقاتل عن حريمهم حين فروا وإنما أثبت لهم قرب النسب؛ لأن سيف الدولة وهم، ينتسبون إلى أصل واحد، وهو معد بن عدنان وقد أشار إليه.

وحفظك فيهم سلفي معدّ ... وأنّهم العشائر والصّحاب

وروى: النساب وهو أصل النسب. الصحاب، جمع الصاحب، كقائم وقيام. وقيل: جمع صحب ككعب وكعاب. وقوله: سلفي معد أي إنهم من قبل آبائهم وأمهاتهم ينتسبون إلى معد بن عدنان.

يقول: قاتل عن حريمهم ندى كفيك والنسب القراب، وحفظك فيهم سلفهم في معد، وأنهم عشائرك وأصحابك.

تكفكف عنهم صمّ العوالي ... وقد شرقت بظعنهم الشّعاب

تكفكف: أي تكف وتصرف عنهم. وشرقت: أي امتلأت كما يشرق الإنسان بالماء. والظعن: النساء، الواحدة: ظعنية، وهي المرأة ما دامت في الهودج والشعاب: جمع شعب، وهو الطريق في الجبل.

يقول: رددت عنهم الرماح، وأمسكت عن قتلهم، لما فروا منك وظفرت بهم وقد امتلأت الشعاب من نسائهم وأموالهم.

وأسقطت الأجنّة في الولايا ... وأجهضت الحوائل والسّقاب

الولايا: جمع ولية، وهي شبيهة بالبرذعة، تطرح على ظهر البعير مما يلي سنامه. وأجهضت أرهقت وأتعبت حتى قامت، يقال، أجهضه: السير إذا أتعبه وأجهضت الناقة ولدها: أي اسقطت. والحوائل: جمع الحائل وهي التي لم تحمل في سنتها. وقيل الحائل الأنثى من ولد الناقة. والسقب: الذكر منها. وقيل السقب ولد الناقة ما دام صغيراً.

يقول: إنهم أمعنوا في الهرب خوفاً منك، وكانوا قد أردفوا نساءهم وراء الخيل وفيهم الحبالى، فأسقطن أولادهن في البراذع، على أعجاز الخيل، أو كن يركبن الإبل فأسقطن الأجنة على ظهور الإبل، وتعبت الإبل الحوائل والسقاب، فقامت ولم تقدر على السير، لما لحقها من الجهد والعياء.

وإذا قلنا إن الإجهاض: هو الإسقاط، فمعناه أن النوق أسقطت أولادها الإناث والذكور.

وعمروٌ في ميامنهم عمورٌ ... وكعبٌ في مياسرهم كعاب

بنو عمرو، وبنو كعب، بطنان من العرب، عمرو بن كلاب، وكعب بن ربيعة. والميمنة: جانبه الأيمن والميسرة: الأيسر.

يقول: اختلفت كلمة هذين البطنين خوفاً منك فقال قوم: نهرب عنه، وقوم: نتقدم فنأخذ الأمان، وقال آخرون: نتقدم ونحارب، وكانوا قبل ذلك يداً واحدة فاختلفوا حتى صارت عمرو عمورا، وكعب كعاباً، ومثله قول معاوية ابن مالك:

رأيت الصّدع من كعبٍ جميعاً ... وكان الصّدع لا يعد ارتئابا

فأمسى كعبها كعباً وكانت ... من الشّنآن قد دعيت كعابا

يعني: كانوا متفرقين متعادين فأصلحت بينهم، حتى عادوا إلى الألفة والاتفاق وصارت كلمتهم واحدة.

وقد خذلت أبو بكر بنيها ... وخاذلها قريطٌ والضّباب

أبو بكر: هنا قبيلة من بني كلاب؛ فلهذا أنث، وكذلك الضباب. والقريط: بطنان من بني كلاب. وروى قريظ بالظاء والطاء.

يقول: خذل بعض هؤلاء بعضاً وتفرقوا، لما أحسوا بطلبك إياهم، بعد أن كانوا مجتمعين على محاربتك.

إذا ما سرت في آثار قومٍ ... تخاذلت الجماجم والرّقاب

يقول: إذا سرت في أثر قوم خذلت رقابهم رءوسهم يعني: أنك تدركهم وتضرب أعناقهم، وتفرق رءوسهم من أجسادهم، إذا كان العنق يسلم رأسه والرأس يفارق جسمه خوفاً منك، فكيف لا تتفرق القبائل ويخذل بعضهم بعضا؟!

فعدن كما أخذن مكرّماتٍ ... عليهنّ القلائد والملاب

الملاب: ضرب من الطيب.

يقول: إنك لما أسرت نساءهم بما عليهن من الحلي والطيب، لم يتعرض أحد لهن، بل رجعن إلى أهلهن وعليهن ثيابهن وطيبهن.

وقيل: أراد أنهن كن بلا قلائد ولا عطر، فقلدهن سيف الدولة وطيبهن.

يثبنك بالّذي أوليت شكراً ... وأين من الّذي تولى الثّواب؟!

يثبنك: أي يجزينك ويعوضنك يقول: رجعن إلى أهلهن وهن يشكرنك على ما أوليتهن من الصفح الجميل، والإحسان الجزيل، ولكن أين الثواب وشكرهن جميل فعلك؟! أي أن الشكر لا يقابل إحسانك ولا يبلغ أن يكون جزاء له.

وليس مصيرهنّ إليك شيناً ... ولا في صونهنّ لديك عاب

روى شيناً وسبياً والأول أجود في مقابلة عاب يقول: ليس في حصولهن في يدك عار لهن، لأنك منهن وهن منك، فصونك لهن كصون بعولتهن في بيوتهن. والصون: الصيانة، وهي كناية عن الستر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015