يقول عاقبة هذا الدمل، وهو الصحة تسوء أعداءك، وتثبت فيك الصحة دائماً، وهذا الذي أصابك يزول في أسرع وقت.
وقال أيضا في علة سيف الدولة، يمدحه:
إذا اعتلّ سيف الدّولة اعتلّت الأرض ... ومن فوقها والبأس والكرم المحض
يقول: إذا أصاب سيف الدولة علة، عمت الأرض ومن عليها، واعتل بها أيضا الشجاعة والكرم؛ لأن قوام الكل به. والبأس: الشجاعة. ومثله لعلي بن الجهم:
وإذا رابكم من الدّهر ريبٌ ... عمّ ما خصّكم جميع الأنام
وكيف انتفاعي بالرّقاد وإنّما ... بعلّته يعتلّ في الأعين الغمض؟
يقول: إذا اعتل هو، لم أنتفع بالنوم، ولم أجد له لذة؛ لأنه إذا اعتل اعتل النوم في عيني جزعاً عليه.
شفاك الّذي يشفي بجودك خلقه ... فإنّك بحرٌ كلّ بحرٍ له بعض
يقول: شفاك الله تعالى، كما يشفي خلقه بجودك، فإنك في الجود بحر، إذا قيست البحار إليه كانت بعضاً منه وجزءا له.
وقال أيضاً في شهر رمضان وقد عوفي سيف الدولة من الدمل:
المجد عوفي إذا عوفيت والكرم ... وزال عنك إلى أعدائك الألم
يقول: إن المجد والكرم اعتلا بعلتك؟! فلما عوفيت عوفيا بعافيتك، وزال ألمك الذي بك إلى أعدائك؛ لأنهم اغتموا بعافيتك، وتألموا بصحتك، فكأن ألمك انتقل إليهم.
وقيل: إن هذا دعاء: أي رد الله تعالى ألمك إلى أعدائك.
والأولى أنه خبر، وليس بدعاء؛ لأنه أخبر في صدر البيت أنه عوفي، فلا يتصور معه الدعاء عليهم بداء له وقد زال.
صحّت بصحّتك الغارات وابتهجت ... بها المكارم وانهلّت بها الدّيم
ابتهجت: أي فرحت. وانهلت: أي انصبت.
يقول: لما راجعتك الصحة صحت الغارات بصحتك؛ لأنها كانت سقيمة بسقمك، وسرت المكارم بها؛ لأنها كانت سقيمة، وجرى بها عطاياك المتصلة، كأنها ديم منهلة.
وراجع الشّمس نورٌ كان فارقها ... كأنّما فقده في جسمها سقم
يقول: كانت الشمس فارقها نورها لمرضك، فعاد إليها الآن لأجل صحتك، وكأن فقد هذا النور سقما في جسم الشمس، فزال عنها مرضها لأجل صحتك.
ولاح برقك لي من عارضي ملكٍ ... ما يسقط الغيث إلاّ حين يبتسم
العارض: أول ما يلي الناب من الثنايا، ويقال: هو الناب.
شبه نقاء عارضيه بالبرق، ثم قال: ما يسقط الغيث إلا حين يبتسم هذا الملك، يعني إذا ابتسم أعطى، فعبر عن العطايا بالغيث.
وقيل: أراد بالبرق علامات جوده ومخايل إحسانه.
يسمى الحسام وليست من مشابهةٍ ... وكيف يشتبه المخدوم والخدم؟!
يقول: يسمى الممدوح باسم السيف، وهذا لا يشابهه في الخصال والمعاني، وكيف يشبهه وهو خادمه يتصرف على إرادته؟!
تفرّد العرب في الدّنيا بمحتده ... وشارك العرب في إحسانه العجم
المحتد: الأصل، والضمير فيه وفي إحسانه للممدوح.
يقول: تفرد العرب بأصله؛ لأنه والعرب من أصل واحد، والعجم تشارك العرب في إحسانه ونعمه.
يعني أن فضله عم العجم عمومه للعرب، وشاع في الناس كافة.
وأخلص الله للإسلام نصرته ... وإن تقلّب في آلائه الأمم
الآلاء: النعم. واحدها إلى وألي.
يقول: جعل الله تعالى نصرته للإسلام خالصة؛ لأنه أبداً يجاهد الكفار؛ ويذب عن الإسلام، فنصره مقصور على الإسلام، ونعمه تعم الخلق: مؤمنهم وكافرهم.
وما أخصّك في برءٍ بتهنئةٍ ... إذا سلمت فكلّ النّاس قد سلموا
يقول: لا أخصك بهذه التهنئة على برئك من المرض، بل أهنئ جميع الناس، فإنهم كانوا مرضى لمرضك، فإذا سلمت منه سلم جميع الناس، فاستووا معك في استحقاق التهنئة.
وقال في انسلاخ شهر رمضان يمدح ويهنئه بعيد الفطر:
الصّوم والفطر والأعياد والعصر ... منيرةٌ بك حتّى الشّمس والقمر
الشمس: مرفوعة، لأنها معطوفة بحتى على ما قبلها.
يقول: هذه الأشياء نورها وبهجتها بك، حتى أن الشمس والقمر اللذين هما الأصل في الإنارة، منيران بك مضيئان بدولتك؛ لأنهما يشهدان النور من أنوارك، كالقمر يشهد النور من الشمس.
ترى الأهلّة وجهاً عمّ نائله ... فما يخصّ به من دونها البشر
التذكير: للوجه، وفي به للنائل، والتأنيث: للأهلة.