صدقت الرؤيا فحقّ، وحقيقة تعبيرها هو نظر في المناسبات، كتمثيل السلطان في المنام بالشمس والسبع، والوزير بالقمر لنوع مناسبة، فافهم.
فإن قلت: أين تكون روح جبريل حين يَلْقَى نبيّنا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -، هل في الجسد الذي يشبه دِحْيَة، أو في الجسد الذي خُلق عليه، وله ستمائة جناح، فإن كانت في الجسد الأعظم فمن الذي أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، أمن جهة روحه أو من جهة جسده، وإن كانت في الجسد المشبّه بجسد دِحْية فهل يموت الجسد الذي
له ستمائة جناح كموت الأجساد التي فارقتها الأرواح، أم يبقى خالياً من الروح المنتقل منه إلى الجسد المشبه بجسد دِحْية الكلبي؟
قلت: لا يبعد أن يكون انتقالها من الجسد الأول غير موجب لموته، فيبقى.
لأن موت الأجسام بمفارقة الأرواح ليس واجباً عَقْلاً كذلك الجسد، حتى لا
ينقص من معارفه وطاعاته شيء، ويكون انتقال روحه إلى الجسد الثاني كانتقال أرواح المؤمنين إلى أجْوَافِ الطير الخضر، إذ ليس موتُ الأجساد بمفارقة الأرواح واجباً في العقل، وإنما هو بعَادة مُطَّرِدة أجراها اللهُ تعالى في أرواح بني آدم، وانتقالُ أرواح الشهداء إلى أَجواف الطير الْخُضْر مشتبه بما يقوله أهل التناسخ.
والأرواح كلّها تنتقل يوم القيامة إلى هذه الأجساد، لكنها تعظم حتى
يصير ضِرْسُ الكافر مثل أحُد، وغِلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام، ومقعده كما بين مكة إلى المدينة، وأجساد المؤمنين على هيئة جسد آدم ستون ذراعاً في السماء، فما الديار الديار، ولا الخيام الخيام.
(موسى عليه السلام) : هو ابن عِمْران بن يصْهر بن فاهث بن لاوى بن
يعقوب عليه السلام، لا خلاف في نسبه، وهو اسم سُرْياني.
وأخرج أبو الشيخ، من طريق عكرمة، عن ابن عباس، قال: إنما سمي موسى لأنه ألْقِي بين شجر وماء، فالماء بالقبطية مُو، والشجر سا.
وفي الصحيح أنه وصف بأنه آدم طوال، كأنه مِنْ رجال شنوءة.
قال الثعلبى: عاش مائة وعشرين سنة.