فرأى في منامه هابيل وهو يناديه من بعيد: يا أبت، الغَوْث! الغَوْث! فانتبه من نومه مَذْعورا، وبكى حتى غُشِي عليه، فنزل جبريل ورفع رأسه.

فلما أفاق قال: يا جبريل، أين ولدي هابيل، فقال: الله يعظِّم أجْرَكَ فيه، قتَله قابيل.

فقال آدم: أنا بريء منه.

فقال له جبريل: والله بريء منه.

ثم قال آدم: يا جبريل، أرِنيه، فأراه له تحت التراب وإذا هو ملطّخ بالدم، فصاح يَا حَسْرتاه! يا ويلتاه! يا ابناه! وبكى حتى بكَتِ الملائكةُ لبكائه، وقالوا: إلهنا، بكى آدم ثلاثمائة سنة ولم يسترح إلاَّ مدة يسيرة، ثم اشتغل بالبكاء، فقال تعالى: الدنيا دار البكاء والعَنَاء، ودار البَلاَء والفناء.

(فطوعت)

(فَطَوَّعت) : فعَّلت من الطوع، يقال.

: طاع له كذا، أي أتاه طَوْعا.

ولساني لا يطوع بكذا، أي لا يَنْقَاد.

(طفِقَا) : أي جعلا، تقول: طفق يفعل كذا، وجعل

يفعل كذا، قال بعضهم: معناه قصد بالرومية، حكاه شَيْذَلة، وضمير التثنية على آدم وحواء.

(طائِفٌ من الشيطان) : معناه لَمَّة منه، كما جاء: إن

للشيطان لمَّة، وللملك لَمَّة.

ومَنْ قرأ طَيْف - بياء ساكنة - فهو مصدر، أو

تخفيف من طيّف المشدد، كميِّت وميْت.

ومن قرأ طائف - بالألف - فهو اسم

فاعل.

(طَرَفَي النهار) : أوله وآخره، فالأول الصبح، والطرف

الثاني الظهر والعصر.

(طائره في عُنقِهِ) : أي عمله.

والمعنى أنه لازم له ما قدّر له وعليه من خير أو شر، يعني أن كل ما يَلْقَى الإنسان قد سبق به القضاء، وإنما عَبَّر عن ذلك بالطائر، لأن العرب كانت عادتها التيمّن والتشاؤم بالطير، وإنما عَبَّر بالعنق، لأنه لا ينفك عنه.

ويقال لكل ما لزم الإنسان قد لزم عنقه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015