وذهب مالك وأكثر أصحابه إلى أنه لا يجوز للحُرِّ نكاح أمَةٍ إلا بشرطين: أحدهما عدم الطول، وهو عدم الوجود بما يتزوَّج به امرأة.
والآخر خوف الزنى وهو العنت، لقوله تعالى بعد ذلك: (ذلك لمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ منكم) .
وأجاز بعضهم نكاحهنَّ دون الشرطين على القول بأن دليل الخطاب لا يُعْتبر.
واتفقوا على اشتراط الإسلام في الأمَة التي تتزوج، لقوله: (من فتياتكم
المؤمنات) ، إلا أهل العراق فلم يشترطوه.
وإعراب (طولاً) مفعول بالاستطاعة.
وأن ينكح بدلاً منه، فهو في موضع نصب، بتقدير إلا أن ينكحن.
ويحتمل أن يكون طولاً نصب على المصدر، والعامل فيه الاستطاعة، لأنها بمعنى يتقارب.
وأن ينكحن على هذا مفعول بلاستطاعة أو بالمصدر.
(طَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) : الضمير يعود على قابيل، وذلك أنه كان صاحب زَرْع، فقرّب أرْذَلَ زَرْعِه، وكان هابيل صاحب غنم
فقرّب أحسن كَبْش عنده.
وقد قدمنا أن النار كانت حاكم آدم، فقام هابيل يصلّي، فنزلت النار وأخذت كبشه، وتركت زرع قابيل، فحسده على قَبول
فرْبانه، فقتله، وإنما حسده على نكاح أخته، لأن الله أوحى إلى آدم أن زوّج ذميما من قابيل واقلما من هابيل، فأخبرهما آدم بوحْيِ الله فَرَضِيَ هابيل وأبى قابيل.
وقال: إن أختي أحسن، وكانت وُلدت معه.
فقال آدم: يا بني، لا تخالف أمر الله.
فقال: لَمْ يَأمرك الله، ولكن أنت تحبُّ هابيل وتزَوِّجه أحسن بناتك.
فقال آدم: اذهبا وتحاكما إلى الله، فوقع منهما ما أخبر
الله به بقوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا) .
كأنه تعالى يقول: أحرقت قربان سائر الأمم، ولم أجوز أنْ أحرق قربانَ حبيبي، فأمرتهم بإطعام الفقير، فإذا لم أجوز إحراق
القربان فكيف أحرق من قرأ القرآن، فلما فقد هابيل سأل عنه جميع أولاده.
فقالوا لا ندري أين هو، فاغْتَمَّ غَمّاً شديداً على فَقْده، وبات مهموما.