وأخرج البيهقي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن القرآن نزل على خمسة أوجه: حلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فاعملوا بالحلال، واجتنبوا الحرام، واتبعوا المحكم، وآمنوا بالمتشابه، واعتبروا بالأمثال.
قال الماوردي: من أعظم علم القرآن علم أمثاله، والناس في غفلة عنه لاشتغالهم بالأمثال وإغفالهم الممثلات، والمثل بلا ممثل كالفرس بلا لجام، والناقة بلا زمام.
وقال غيره: وقد قال الشافعي: مما يجب على المجتهد معرفته من علوم القرآن
معرفةُ ما ضُرِب فيه من الأمثال الدوالّ على طاعته، البينة لاجتناب معصيته.
وقال الشيخ عز الدين: إنما ضَرَب الله الأمثال في القرآن تذكيراً ووعظاً، فما اشتمل منها على تفاوت في ثواب أو على إحباط عمل، أو على مدح أو ذم أو نحوه - فإنه يدل على الأحكام.
وقال غيره: ضَرْبُ الأمثال في القرآن يستفاد منه أمور كثيرة: التذكير.
والوعظ، والحث والزجر، والاعتبار والتقرير، وتقريب المراد للعقل، وتصويره بصورة المحسوس، فإن الأمثال تصوَر المعاني بصورة الأشخاص، لأنها أثبت في الأذهان لاستعانة الذهن فيها بالحواس.
ومن ثمَّ كان الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجليِّ، والغائب بالمشاهد.
وتأتي أمثال القرآن مشتملةً على بيان تفاوت الأجر، وعلى المدح والذم، وعلى الثواب والعقاب، وعلى تفخيم الأمر أو تحقيره، وعلى تحقيق أمرٍ أو إبطاله، قال تعالى: (وضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمثال) ، فامتَنَّ علينا بذلك، لما
تضمنت من الفوائد.
قال الزركشي في البرهان: ومن حكمته تعليم البيان، وهو من خصائص هذه
الشريعة.
وقال الزمخشري: التمثيل إنما يصار إليه لكشف المعاني، وإدناء التوهّم من
المشاهد، فإن كان المتمثل له عظيماً كان المتمثل به مثله، وإن كان صغيراً كان المتمثل به كذلك.