وتنقسم باعتبار آخر إلى: تمثيلية، وهي أن يكون وجه الشبه فيها منتزعاً من
متعدد، نحو: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) .
شبه استظهار العبد بالله ووثوقه بحمايته والنجاة من المكاره باستمساك الواقع في مَهْوَاةٍ بحبل وثيق مدَلَّى من مكان مرتفع يؤمَن انقطاعه.
قد تكون الاستعارة بلفظين، نحو: (قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ) .
يعني تلك الأواني ليست من الزجاج ولا من الفضة، بل وصفاء
القارورة وبياض الفضة.
(فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) .
فالصب كناية عن الدوام، والسوط عن الإيلام، فالمعنى عذبهم عذاباً دائماً مؤلما.
أنكر قوم الاستعارة بناء على إنكارهم المجاز، وقوم إطلاقها في القرآن، لأن
فيها إيهاماً للحاجة، ولأنه لم يرد في ذلك إذْنٌ من الشرع، وعليه القاضي
عبد الوهاب المالكي.
وقال الطرطوسي: إن أطلق المسلمون الاستعارة فيه أطلقناها، وإن امتنعوا امتنعنا، ويكون هذا من قبيل أن الله عالم، والعلم هو العقل، ثم لا نَصِفُه به لعدم التوقيف. انتهى.
تقدم أن التشبيه من أعلى أنواع البلاغة وأشرفها.
واتفق البلغاء على أن الاستعارة أبلغ منه، لأنها مجاز وهو حقيقة، والمجاز أبلغ، فإذاً الاستعارة أعلى مراتب الفصاحة، وكذا الكناية أبلغ من التصريح.
والاستعارة أبلغ من الكناية كما قال في عروس الأفراح: إنه الظاهر، لأنها كالجامعة بين كناية واستعارة، ولأنها مجاز قطعاً.
وفي الكناية خلاف.
وأبلغ أنواع الاستعارة التمثيلية، كما يؤخذ من الكشاف، ويليها المكنية،