ينقسم التشبيه باعتبارات:
الأول: باعتبار طرفيه إلى أربعة أقسام، لأنهما إما حسيّان، أو عقليان، أو
المشبه به حسي والمشبه عقلي، أو عكسه.
مثال الأول: (والقمرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حتى عادَ كالْعُرْجونِ القديم)
، (كأنَّهم أعجازُ نَخْل مُنْقَعِر) .
ومثال الثاني: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) .
وكذا مثَّل به في البرهان، وكأنه ظن أن التشبيه واقع في
القسوة وهو غير ظاهر، بل هو واقع بين القلوب والحجارة، فهو من الأول.
ومثال الثالث: (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ) .
ومثال الرابع لم يقع في القرآن، بل منعه الإمام أصلاً، لأن العقل مستفاد من
الحس، فالمحسوس أصل للمعقول، وتشبيهه به يستلزم جعل الأصل فرعاً والفرع أصلاً، وهو غير جائز.
وقد اختلف في قوله تعالى: (هُن لِبَاسٌ لكم وأنتُم لِبَاس لهُنَّ) .
الثاني: ينقسم باعتبار وجهه إلى مفرد ومركب، والمركب أن ينتزع وجه
الشبه من أمور مجموع بعضها إلى بعض، كقوله: (كمثَلِ الحِمَارِ يحملُ أسفاراً) ، فالتشبيه مركب من أحوال الحمار، وهو حرمان الانتفاع بأبلغ
نافع مع تحمّل التعب في استصحابه.
وقوله: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ ... )
إلى قوله: (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ)
، فإنَّ فيه عشر جمل وقع التركيب من مجموعها بحيث لو سقط منها شيء اختل التشبيه، إذ المقصود تشبيه حال الدنيا في سرعة تقضّيها، وانقراض نعيمها، واغترار الناس