ألَّف ابن الأنباري في بيان الضمائر الواقعة في القرآن مجلدين، وأصْلُ وضع
الضمائرِ للاختصار، ولهذا قام قوله: (أعَدّ الله لهم مَغْفِرَةً وأجراً عَظيما)
، مقام خمسة وعشرين كلمة، لو أتى بها مظهرة.
وكذلك قوله: (وقُل للْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ من أبصارهنَّ) :
قال مكي: ليس في كتاب الله آية اشتملت على ضمائر أكثر منها، فإنَّ فيها خمسة وعشرين ضميراً، ومِنْ ثَمَّ لا يعدل إلى المنفصل إلا بعد تعذر المتصل، بأن يقعَ في الابتداء، نحو: (إياك نعبد) ، أو بعد (إلا) : نحو: (أمر ألاَّ تَعْبدوا إلاَّ إيَّاه) .
لا بد له من مرجع يعودُ إليه ملفوظا به سابقاً مطابقاً، نحو: (ونادَى نوح
ابْنَه) ، (وعَصَى آدم رَبّه) .
(إذا أخْرجَ يدَهُ لم يَكدْ يَرَاها) .
أو متضمناً له، نحو: (اعْدِلُوا هو أقرب للتَقْوى) ، فإنه عائد على العَدْل المتضمّن له (اعدلوا) .
(وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) .
أي المقسوم، لدلالة القسمة عليه، أو دالل عليه بالالتزام، نحو: (إنّا أنزلناه في لَيْلَةِ القَدْر) ، أي القرآن، لأن الإنزال يدلّ عليه التزاماً.
(فمن عُفِيَ له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأدَاء إليه بإحسان) .
فعُفي يستلزم عافياً أُعيد عليه الهاء من (إليه) .
أو متأخر لفْظاً ورتبةً مطابقا، نحو: (فأوْجَس في نفسهِ خِيفةً موسى) .
(ولا يُسْالُ عن ذنوبِهم المجرمون) .
(فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ) .