وقد روت عائشة هذا المعنى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أنها قرات (يأتون ما أتوا) بالقصر، فيحتمل أنْ يكون الحديث تفسيراً لهذه القراءة، وقيل: إنه عام في الحسنات والسيئات، أَي يفعلونها وهم خائفون من الرجوع إلى الله.
فإن قلت: ما فائدة حذف الضمير في هذه الآية المثبت في الآيتين قبلها؟
فالجواب: أنه أكد في الأوليين بالضمير، وفي هذه بقوله: (وقلوبهم وَجِلَة) ، أي خائفة.
(يكَوِّر اللّيْلَ على النهار) .
أي يلف هذا على هذا، ككور العمامة، وهو هنا استعارة على ما قال ابْن عطية يعيد من هذا على هذا، فكأنّ الذي يطول من النهار أو الليل يصير منه جزء على الآخر فيستره، وكأن الذي يقصر يدخل في الذي يطول فَيْستَتِر فيه.
ويحتمل أن يكون المعنى أنَّ كلَّ واحد منهما يغيّب الآخر إذا طرأ عليه.
فشبه في ستره له بثوبٍ يلف على آخر.
(يوبِقْهنَ بِمَا كسبوا) .
ضمير التأنيث يعود على السفن، يعني يهلكها بما يكسب أهلها.
وهذا عطف على (يسْكِنِ الريحَ) ، ومعناه لو شاء اللَّهُ أغرق السفن من شدة الرياح العاصفة، أو يسكنها فيظْلَلْنَ رَوَاكد على ظهره لا يتحركْنَ بالجري.
(يُزْلِقونَك بأبْصارِهم) .
أي يزيلونك بعيونهم، لأنهم غاروا من فصاحته، فقال له قائل منهم: ما أفصحك! وقصد أخْذَه بالعين، لأنه أعياهم أمره، فلم يبقَ لهم من الحِيَل إلا هذا، فأنزل الله عليه هذه الآية، وحفظه منهم، فلذلك لا تجد أنفع رُقْية منها لمن أصابه العين، وقرِئت (ليزلقونك) بضم الياء، أَي يستأصلونك من قولهم: أزلق رأسه إذا حلقه.
(يُوفِضون) :
يسرعون الخروجَ من القبور إلى المحشر، كما يسرعون الْمَشْي إلى أصنامهم في الدنيا، لكنه خلاف إسراعهم إليها، لأن