والفائدةُ فيه أنه يرحم مَنْ عصاه في جواره، فالأوْلى ألا يعاقب مَنْ
عصاه في جوار إبليس.
قيل: إنه قال: يا رب، إني أستحيي من ولد محمد.
فقال له: سأمَهّد له عُذرك، فقال: (ولم نَجِد له عَزْماً) ، أي لم يعتقد الذنب، ولم يثبتْ عليه، بل اعتذر وندم.
وكذلك مهَّد الله عُذْر هذه الأمة المحمدية بقوله: (للذين عَملوا السّوءَ بجهالةِ) .
وقال: (وخُلق الإنسان ضعيفا) .
(خلق الإنسان من عَجَل) .
أدبك بأوامر ولم يرض أن يعاتبك غيرةً منه إليك، فاعتذر منك إليك.
(فتلقى آدمُ من ربِّه كلماتٍ) ، أي أخذ، قيل، على قراءة الجماعة وقرأ ابنُ كثير بنصب آدمَ ورَفْع الكلمات، فتلقى على هذا من اللقاء، والكلمات هي قوله: (ربَّنا ظلَمنا أنْفسنا) ، بدليل ورودها في الأعراف.
وقيل غير ذللك.
وهذه إحدى الخصائص التي خصّ الله آدم بها، خلقه الله بيده، ونفخ فيه
من رُوحه، وأسجد له ملائكته، وأمرهم بحَمله إلى الجنة على أكتافهم، وعلّمه أسماءَ كل شيء، تم عرضهم على الملائكة، وأدخله الجنة بغير عملٍ إلا أمْره بالصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكلمه مواجهة.
ولما عطس قال: الحمد للهِ، فأجابه الله بقوله: يرحمك الله، يا آدم لهذا خلقْتك.
فهذا معنى قوله تعالى: (ولولا كلمة سَبَقَتْ مِنْ ربِّكَ) .
(فإما يَأتينَّكم مني هدًى) :
إن شرطية، وما زائدة للتأكيد.
والهدى هنا يراد به كتاب الله ورسالتُه.
(فمن تَبع) ، شرط، وهو جواب الشرط الأول.
وقيل: (فلا خوف) جواب الشرطين.
واعلم أن الكتابَ كتابان: كتاب من الله إليكَ، وكتاب منك إليه بيد
الْحفَظَة، فإذا قبلتَ كتابه الذي فيه الأمْر والنهي، والوَعد والوعيد، ونزول