قبرص، فكتب لأهل السواحل يأمرهم بإصلاح المراكب، وتقريبها إلى ساحل عكَّا، فقد رمَّه ليكون ركوب المسلمين منه إلى قبرص (?).

4 ـ غزو قبرص:

أعدَّ معاوية المراكب اللازمة لحمل الجيش الغازي، واتَّخذ ميناء عكَّا مكاناً للإقلاع، وكانت المراكب كثيرة، وحمل معه زوجه فاخته بنت قرظة، كذلك، كذلك حمل عبادة بن الصَّامت امرأته أمَّ حرام بنت ملحان معه في تلك الغزوة (?)، وأمُّ حرام هذه صاحبة القصَّة المشهورة: عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أمَّ حرام بنت ملحان، فتطعمه، وكانت أمُّ حرام تحت عبادة بن الصَّامت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، فأطعمته، ثم جلست تفلي من رأسه، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ وهو يضحك. فقالت: ما يضحكك يا رسول الله؟: قال ناس من أمتي عُرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبيج هذا البحر ملوكاً على الأسرَّة، أو مثل الملوك على الأسرَّة. وقالت: فقلت: يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهم! فدعا لها ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ، وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟!.

قال: ناس من أمتي عرضوا عليَّ في سبيل الله ... )) ـ كما قال في الرواية الأولى ـ. قال: أنت من الأوّلين. فركبت أمّ حرام بنت ملحان في البحر في زمن معاوية، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر، فهلكت (?). ورغم أن معاوية رضي الله عنه لم يجبر الناس على الخروج، فقد خرج معه جيش عظيم من المسلمين (?)، مما يدل أن المسلمين قد هانت في أعينهم الدُنيا بما فيها، فأصبحوا لا يعبؤون بها بالرَّغم من أنها قد فتحت عليهم أبوابها، فصاروا يرفلون في نعيمها. أن المسلمين قد ترّبوا على أنّ ما عند الله خير، وأبقى، وأن الله اصطفاهم لنصرة دينه، وإقامة العدل، ونشر الفضيلة، والعمل على إظهار دين الله على كلِّ ما عداه، وهم يعتقدون: أنّ هذه المهمَّة هي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015