حيَّة، ولا عقرباً، ولا سَبُعاً: فاختط عقبة أولاً دار الإمارة، ثم أتى إلى موضع المسجد الأعظم فاختَّطه، ولم يُحدث فيه بناء. وكان

يصلي فيه وهو كذلك فاختلف الناس عليه في القبلة وقالوا: إن جميع أهل المغرب يضعون قِبلتهم على قبلة هذا المسجد، فأجهد نفسك في تقويمها، فأقاموا أيّاماً ينظرون إلى مطالع الشتاء والصيف من النجوم ومشارق الشمس، فلمَّا رأى أمرهم قد اختلف بات مغموماً، فدعا الله ـ عز وجل ـ أن يُفرَج عنه، فأتاه آت في منامه فقال له: إذا أصبحت فخذ اللواء في يدك، واجعله على عُنُقك.

فإنك تسمع بين يديك تكبيراً لا يسمعه أحد من المسلمين غيرك، فانظر الموضع الذي ينقطع عنك فيه التكبير فهو قبلتك ومحرابك، وقد رضي الله لك أمر هذا العسكر وهذا المسجد وهذه المدينة، وسوف يعز الله بها دينه، ويذل بها من كفر به، فاستيقظ من منامه وهو جزع، فتوضأ للصلاة، وأخذ يصلي وهو في المسجد ومعه أشراف الناس، فلما انفجر الصبح وصلى ركعتي الصبح بالمسلمين إذا بالتكبير بين يديه، فقال لمن حوله: أتسمعون ما أسمع؟ فقالوا: لا، فعلم أنَّ الأمر من عند الله، فأخذ اللواء فوضعه على عُنُقه، وأقبل يتبع التكبير حتى وصل إلى موضع المحراب فانقطع التكبير فركز لواءه وقال: هذا محرابكم فاقتدى به سائر مساجد المدينة ثم أخذ الناس إليها المطايا من كل أُفق وعظم قدرها ... وكان عقبة خير والٍ وخير أمير، مستجاب الدعوة (?) وفي هذه القصة عبرة بليغة فيما حدث من عقبة حينما نادى تلك الوحوش والدواب فاستجابت له وغادرت ذلك المكان وهذه كرامة من الله تعالى يكرم بها أولياءه لما يريد بهم نصر الإسلام ونشره في الأرض، حيث أسمع تلك الدواب كلام عقبة وأوقع في قلوبها الخوف منه، وقدَّر لها أن تسمع وتطيع كما لو كانت ذات عقل وإدراك وقد رأى ذلك قبيل كبير من البربر فاسلموا، كما ذكر ابن الأثير في روايته (?).

هذا وقد حمل بعض الباحثين هذا الخبر على أنه من الأساطير التي نسجها الرواة حول عقبة، وعللواهذا الخبر بأن تلك الدواب فزعت لما سمعت ضجيج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015