ودان (?) قد نقضوا عهدهم مع بسر بن أبي أرطأة الذي كان عقده معهم حين وجهه إليهم عمرو بن العاص ومنعوا ما كانوا اتفقوا عليه من الجزية، فوجه إليهم عقبة قسماً من الجيش عليهم عمر بن علي القرشي وزهير بن قيس البلوي، وسار معهم بالقسم الآخر من الجيش واتجه إلى فزان (?)،

فلما دنا منها دعاهم إلى الإسلام فأجابوا (?)، ثم واصل فتوحاته، فتح قصور كُوّار (?)، وخاور (?)، وغدامس (?)، وغيرها (?)، ومما يلاحظ أن عقبة تجنّب في مسيرة المناطق الساحلية، فقصد المناطق الداخلية يفتحها بلداً بلداً، ويبدو أنه فعل ذلك ليأخذ البربر إلى جانبه ويقيم جبهة داخلية تحيط بالبيزنطيين على الساحل وتمدّه بالطاقات البشرية للاستقرار والإطاحة بالوجود البيزنطي (?).

ثالثاً: بناء مدينة القيروان:

في سنة 50 هـ بدأت إفريقية الإسلامية عهداً جديداً مع عقبة بن نافع، المتمرس بشؤون إفريقية منذ حداثة سنّه، فقد لاحظ كثرة ارتداد البربر، ونقضهم العهود، وعلم أن السبيل الوحيد للمحافظة على إفريقية ونشر الإسلام بين أهلها هو إنشاء مدينة تكون محط رحال المسلمين، ومنها تنطلق جيوشهم فأسس مدينة القيروان وبنى جامعها (?)، وقد مهد عقبة

قبل بناء المدينة لجنوده بقوله: إن إفريقية إذا دخلها إمام أجابوه إلى الإسلام، فإذا خرج منها رجع من كان أجاب منهم لدين الله إلى الكفر، فأرى لكم يا معشر المسلمين أن تتخذوا بها مدينة تكون عزاً للإسلام إلى آخر الدهر، فاتفق الناس على ذلك وأن يكون أهلها مرابطين، وقالوا: نقرب من البحر ليتم لنا الجهاد والرباط، فقال عقبة إني أخاف أن يطرقها صاحب القسطنطينية بغتة فيملكها، ولكن اجعلوا بينها وبين البحر ما لا يوجب فيه التقصير للصلاة فهم مرابطون (?)، ولم يعجبه موضع القيروان الذي كان بناه معاوية بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015